من أصل 18 جولةٍ حتى الآن في الموسم الحالي من بطولة العالم للفورمولا 1 فاز فريق مرسيدس بـ 13 سباق منها، وفي جائزة المكسيك الكبرى أثبت الفريق مجدداً لمَ هو الأفضل مع فوزه رغم مواجهة العديد من التحديات.
استمر الأداء القوي لفريق فيراري، مع الحصول على مركز الانطلاق السادس على التوالي في ظل معاقبة سائق فريق ريد بُل ماكس فيرشتابن الذي سجل التوقيت الأسرع في الحصة التأهيلية. توجهنا إلى سباقٍ يشهد انطلاق ثنائي فيراري من الصف الأول على شبكة الانطلاق، في حلبةٍ تتميز بخطٍ مستقيم طويل وضرورة تسجيل سرعات قصوى.
تقرير السباق: هاميلتون يفوز في المكسيك وحسم اللقب يتأجل
كافة الجوانب كانت تشير إلى تفوق فيراري، وأن الفريق سيتمكن من الفوز بالسباق على الأقل، حتى وإن لم يكن بإمكانه تحقيق ثنائية المركزين الأول والثاني، خصوصاً وأن فريق فيراري احتفظ بمركزَيه بعد انطلاق السباق وفي اللفات الأولى مع تصدر شارل لوكلير أمام زميله سيباستيان فيتيل.
أما بالنسبة لفريق مرسيدس، مع انطلاق لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس من المركزين الثالث والسادس، تراجع ثنائي الأسهم الفضية في اللفة الأولى، خصوصاً هاميلتون الذي احتك بسيارة فيرشتابن في اللفة الأولى، وكان على ثنائي الفريق الضغط بشكلٍ كبير للعودة إلى معركة الصدارة.
اقرأ أيضاً: هاميلتون يتبع أسلوباً مختلفاً عن الآخرين مع فيرشتابن
في نهاية المطاف، كان الفوز من نصيب لويس هاميلتون، مع تواجد فالتيري بوتاس بالمركز الثالث، فيما جاء ثنائي فيراري سيباستيان فيتيل وشارل لوكلير بالمركزين الثاني والرابع.
مرةً أخرى، تُطرح التساؤلات بخصوص استراتيجية فيراري. وأن الاستراتيجية التي اتبعها الفريق هي التي حالت دون الفوز بالسباق. مرةً أخرى، يتجه مدير الفريق ماتيا بينوتو للحديث مع وسائل الإعلام والتصريح بأنه كان عليهم اتباع استراتيجية مختلفة للفوز.
على فريق فيراري تعلم كيفية حماية الصدارة. من غير المنطقي اتباع استراتيجيات مختلفة لمنافسيهم، خلفهم، ومنحهم أفضلية المراكز سعياً للتجاوز في الحلبة واتباع استراتيجية أفضل.
أثناء التواجد في الصدارة، كان على فريق فيراري حماية لوكلير من التوقف المبكر لـ ألبون، هذا صحيح. لكن مع تواجد لوكلير في الصدارة، لم يكن على الفريق تزويده بمجموعةٍ أخرى من الإطارات متوسطة القساوة وإلزامه باستراتيجية التوقف مرتين. لوكلير هو المتصدر، وعليه الاحتفاظ بهذه الصدارة لأطول فترة ممكنة.
اقرأ أيضاً: لوكلير يريد لعب دور أكبر في استراتيجيات فيراري
كان على فيراري تزويد لوكلير بمجموعةٍ من الإطارات القاسية. كان سيتجه إلى الحلبة أمام ألبون بكافة الأحوال، وبعد ذلك عليه التعامل مع إطاراته حتى نهاية السباق، وفي حال تدهور وضع إطاراته بشكلٍ كبير، فقط في ذلك الحين كان على فيراري استدعاء المونيغاسكي لإجراء توقف صيانة ثاني.
هنا جاءت الضربة الأولى لـ فيراري، بمجرد إلزام لوكلير باستراتيجية التوقف مرتين خرج من دائرة المنافسة على الصدارة رغم انطلاقه من المركز الأول وإحكامه لسيطرته في اللفات الأولى.
ولكن بعد ذلك، جاءت الضربة الثانية لـ فيراري. الآن، فيتيل هو المتصدر أمام هاميلتون. توجه هاميلتون إلى منطقة الصيانة مع نهاية اللفة 23، واستخدم مجموعةً من الإطارات القاسية، وبالتالي أصبحت استراتيجية التوقف الوحيد متاحةً له نظرياً حتى وإن كان فريق مرسيدس يجهل كيف سيكون وضع إطاراته في نهاية السباق.
في لفته الأولى بعد توقف الصيانة، كان توقيت هاميلتون في المقطع الثاني من الحلبة فقط أسرع بأكثر من ثانية كاملة من توقيت فيتيل. حسناً، القرار كان يجب أن يكون سهلاً، استدعاء فيتيل إلى منطقة الصيانة على الفور وضمان خروجه من منطقة الصيانة أمام هاميلتون.
اقرأ أيضاً: هاميلتون يهدي فوزه في المكسيك لمهندسه بونو
إلا أن الفريق الإيطالي، أيضاً بمساهمة فيتيل عبر الراديو، قرر تأخير توقف الصيانة. بمجرد عدم توجه فيتيل لإجراء توقفه بعد لفةٍ من هاميلتون، كان قد خسر فرصة المحافظة على صدارة السباق، خسر فرصة الاحتفاظ بأفضلية المركز في الحلبة، وكان على فيتيل استعادة الصدارة من خلال تجاوز هاميلتون في الحلبة.
لمَ قد يقوم فيراري بمثل هذه الإجراءات؟ هذا القرار لم يكن منطقياً إطلاقاً. حتى وإن كانت لدى فيتيل أفضلية كبيرة على صعيد الإطارات بعد إجرائه لتوقفه، من غير المنطقي التخلي عن صدارة السباق سعياً لاستعادتها من خلال التجاوز في الحلبة و‘المراهنة’ على تدهور إطارات هاميلتون، وهو أمرٌ لم يحصل في نهاية المطاف.
اقرأ أيضاً: فيتيل: هاميلتون كان محظوظاً للفوز في المكسيك
حسناً، في حال كان فيتيل في المركز الثاني خلف هاميلتون قبل إجراء توقفات الصيانة الأولى، كان من المتفهّم اتباع فيراري لمثل هذه التكتيكات. سيكون فيتيل متواجداً في المركز الثاني بكافة الأحوال، والفرصة الوحيدة لمحاولة خطف الصدارة تتمثل بتأخير توقف الصيانة ومحاولة تقليص الفارق والتجاوز في اللفات الأخيرة، وإن لم يحصل ذلك سيكون فيتيل بالمركز ذاته الذي تواجد به قبل التوقف.
إلا أن فيتيل كان المتصدر، وكل ما كان على فيراري القيام به هو الرد على ما يقوم به المنافسون أولاً بأول، والتأكيد على أهمية التمتع بأفضلية المراكز باستمرار.
هنا أثبت فريق مرسيدس تفوقه على فيراري. كانت هناك مخاوف من عدم نجاح استراتيجية هاميلتون، وتساؤلات حول إمكانية إكماله لـ 47 لفة مع مجموعةٍ وحيدةٍ من الإطارات متوسطة القساوة في صدارة السباق. إلا أن النهج الذي اتبعه فريق مرسيدس ضمن له التمتع بأفضلية المركز، وخطف الصدارة، والفوز بالسباق.
الآن، ومن أصل 18 جولة، انطلق فريق فيراري (مع لوكلير وفيتيل سويةً) من المركز الأول تسع مراتٍ، ولكنه لم يفز سوى بثلاثة سباقاتٍ فقط. هذا الأمر يشير إلى أن على فريق فيراري إجراء تحليلات شاملة ودقيقة في ما يتعلق بالأسلوب الذي لا بد من التعامل به مع السباقات لضمان الاحتفاظ بالصدارة وعدم التفريط بها تحت أي ظرفٍ من الظروف.
في جولة المكسيك، كان فريق مرسيدس الأسوأ من ضمن الثلاثة الكبار، سواءً في ظروف اللفة الواحدة أو في السباق. لكن في نهاية المطاف، مرةً أخرى، حقق الفريق فوزاً ثميناً مع فرضه لسيطرته المطلقة في الموسم الحالي. بغض النظر عن قوة ومستوى سيارات السنة المقبلة، سيكون على فيراري تحسين الفعالية في مختلف الأقسام، أبرزها الاستراتيجية، إن أرادوا إنهاء سيطرة الأسهم الفضية في 2020.