عاد فريق مرسيدس إلى سكة الانتصارات من خلال فوز لويس هاميلتون بسباق جائزة روسيا الكبرى، الجولة 16 لموسم 2019 من بطولة العالم للفورمولا 1 رغم تفوق فريق فيراري منذ بدء مجريات هذه الجولة. لكن، رغم أن ظروف فيراري ساعدت مرسيدس للفوز، إلا أن الأسهم الفضية قامت بكل ما هو لازم لزيادة الحظوظ بالفوز حتى قبل انطلاق السباق.
تقرير السباق: هاميلتون يفوز لـ مرسيدس وانسحاب فيتيل في روسيا!
مع حصول ثنائي فيراري شارل لوكلير وسيباستيان فيتيل على المركزين الأول والثالث على شبكة الانطلاق. ومع أفضلية المحركات التي تتمتع بها السيارات الحمراء، كانت المهمة سهلة، الخروج من المنعطف الثاني في حلبة سوتشي بالمركزين الأول والثاني وإحكام السيطرة على مجريات السباق حتى الفوز.
هذا ما حصل في البداية، مع تصدر فيتيل للسباق أمام زميله لوكلير، ولتكون اللفات التالية من السباق مليئةً بالتوتر في ما يتعلق بالاتفاق بين ثنائي فيراري.
اقرأ أيضاً: فيراري تكشف عن تفاصيل مخطط انطلاق سباق روسيا
في نهاية المطاف، هذا القرار لم يلعب أي دورٍ على الإطلاق في تحديد نتيجة السباق، كما أنه لم يساعد مرسيدس لضمان تحقيق لويس هاميلتون لفوزه التاسع في الموسم الحالي.
من الصحيح أن توقيت تطبيق نظام سيارة الأمان الافتراضية، والذي كان ناجماً عن انسحاب فيتيل إثر مشكلةٍ في نظام استعادة الطاقة الحركية ‘أم جي يو كيه’ كان مثالياً بالنسبة لفريق مرسيدس، إذ أن لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس لم يكونا قد أجريا توقفات الصيانة، وبالتالي كان بإمكان مرسيدس استغلال تلك الفترة لاستدعاء الثنائي لتزويدهم بمجموعاتٍ جديدة من الإطارات اللينة دون خسارة أية مراكز في الحلبة.
اقرأ أيضاً: مرسيدس: لم نكن بحاجةٍ لأسرع سيارة للفوز في سوتشي
في ظروفٍ طبيعية، وفي حال عدم تطبيق سيارة الأمان الافتراضية أو حتى دخول سيارة الأمان بعد ذلك ببضعة لفاتٍ إثر الحادث الذي تعرض له سائق فريق ويليامز جورج راسل، لم يكن بإمكان مرسيدس الفوز بهذا السباق بالتأكيد. كان الفوز سيكون لمصلحة فريق فيراري، بغض النظر عن هوية السائق، فيتيل أم لوكلير.
ولكن تطبيق نظام سيارة الأمان الافتراضية لم يكن بمحض الصدفة، وإنما جاء نتيجة نهجٍ اتبعه فريق مرسيدس منذ الحصة التأهيلية لزيادة الحظوظ بالفوز بالسباق.
علينا العودة إلى القسم الثاني من الحصة التأهيلية، والقرار المفاجئ من قِبل فريق مرسيدس لاستخدام لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس للإطارات متوسطة القساوة لتسجيل أسرع التواقيت، مقابل استخدام بقية المنافسين للإطارات اللينة. نتيجةً لذلك، كان على هاميلتون وبوتاس استخدام تلك النوعية من الإطارات عند انطلاق السباق بينما استخدم كافة منافسيهم في المراكز العشرة الأولى إطاراتٍ أفضل عند انطلاق السباق.
كانت هذه المراهنة ستكون مكلفةً جداً، إذ أن سائق فريق ماكلارين كارلوس ساينز كان على وشك خطف المركز الثالث من هاميلتون عند المنعطف الثاني، ولكنه فشل، لتنجح مراهنة مرسيدس مع تواجد هاميلتون وبوتاس في المركزين الثالث والرابع.
فريق مرسيدس كان يدرك تأخره عن فيراري، وكان يدرك عدم قدرته على مجاراة وتيرة الفريق الإيطالي في ظروفٍ طبيعية. وبغض النظر عن استخدام الإطارات اللينة أو متوسطة القساوة عند انطلاق السباق، فإن فريق مرسيدس كان سيضمن الحصول على المركزين الثالث والرابع بأسوأ الأحوال.
وبالتالي، بدلاً عن الاستسلام وإعلان الهزيمة والإدراك بأنه لا توجد لديهم فرصة للمنافسة واكتفائهم باستخدام الإطارات اللينة، اختار فريق مرسيدس الإطارات متوسطة القساوة عند انطلاق السباق، على أمل وجود أية ظروف قد تؤدي إلى استفادة مرسيدس وقلب موازين القوى.
بدون أية ظروف استثنائية، كان فريق مرسيدس سيستخدم الإطارات متوسطة القساوة ومن ثم سيجري توقف الصيانة مع تبقي حوالي 20 لفة على نهاية السباق، ومع اجتياز خط النهاية بالمركزين الثالث والرابع، وهي النتيجة ذاتها التي كان سيحققها مع استخدام الإطارات اللينة.
ولكن، كانت هناك ظروف استثنائية، ونجحت مراهنة مرسيدس. سواءً مع تطبيق نظام سيارة الأمان الافتراضية إثر انسحاب فيتيل، أو حتى في حال عدم انسحاب فيتيل كانت سيارة الأمان لتدخل بعد بضعة لفات إثر حادث راسل، وبالتالي استغل فريق مرسيدس تلك الظروف للحصول على أفضلية المراكز مع إجراء توقفات صيانة ‘مجانية’ دون خسارة وقت كبير في الحلبة.
اقرأ أيضاً: هاميلتون يشيد بـ مرسيدس بعد فوزٍ غير متوقع في روسيا
وبالتالي، ورغم أن ظروف السباق هي التي ساهمت بفوز فريق مرسيدس، والمحافظة على سجل مثالي في حلبة سوتشي، إلا أن هذه الظروف لم تكن لتنجح بدون اتباع مرسيدس لنهجٍ مختلف في الحصة التأهيلية وفي الاستراتيجية، وهو أمرٌ لا بد لنا من الإشادة به مع تقييم الفريق لوضعه وإدراكه بعدم القدرة على منافسة فيراري مباشرةً، وبالتالي اتباع أساليب مغايرة على أمل نجاحها.
الآن، تتجه بطولة العالم للفورمولا 1 إلى حلبة سوزوكا لجائزة اليابان الكبرى بعد أقل من أسبوعين. وبعد معاناة فيراري في المقطع الثالث من حلبة سوتشي، من المتوقع أن لا تكون سيارة فيراري هي الأفضل في المقطع الأول من حلبة سوزوكا، إلا أنها ستكون أقوى في المقطعين الثاني والثالث.
وبالتالي يمكننا توقع وجود معركة محتدمة مجدداً في الصدارة تعدنا بأن السباقات الأخيرة من الموسم الحالي ستكون مذهلةً ومليئةً بالمنافسة بغض النظر عن معركة اللقب التي أصبحت شبه محسومةٍ لـ مرسيدس وهاميلتون.