لدى فريق ريد بُل سياسة صارمة بخصوص اعتماد تشكيلة سائقيهم في بطولة العالم للفورمولا 1، وهي قد أثبتت نجاحها أكثر من مرةٍ من قبل. لكن، مع التطلع قدماً لموسم 2020، ربما عليهم إجراء استثناء والتخلي عن تلك السياسة واللجوء إلى سائقٍ هو الحل الأمثل بالنسبة لهم.
منذ بداية موسم 2009، يعتبر فريق ريد بُل من الفرق الأكثر نجاحاً في بطولة العالم للفورمولا 1، مع فوزه بأربعة ألقابٍ عالمية متتالية بين 2010 و2013، ومنافسته في الصدارة باستمرارٍ، وإن كانت وتيرة الفريق قد تراجعت بعض الشيء مع عدم استخدامه لوحدات الطاقة الأفضل منذ بدء الحقبة الهجينة في 2014.
لكن، منذ عدة أعوامٍ، فريق ريد بُل يبقى على الدوام من الفرق الثلاثة الكبار، حتى وإن لم يكن بإمكان الفريق المنافسة على الألقاب.
هناك العديد من العوامل التي ساهمت في نجاح فريق ريد بُل، منها تصميم السيارة، ولكن علينا الإشادة بأهمية دور برنامج الفريق لتطوير السائقين الشباب.
هذا البرنامج يعتبر مجهداً، ويصفه العديد من السائقين بأنه قاسي بالفعل مع السعي إلى ضمان حصول أفضل السائقين على فرصٍ في الفئة الملكة من عالم رياضة المحركات. ومن المؤكد أن هذا البرنامج أثبت نجاحه في عدة مناسباتٍ، سواءً كان ذلك مع سيباستيان فيتيل، دانيال ريكاردو، والآن مع ماكس فيرشتابن.
لكن في الوقت ذاته، فإن فريق ريد بُل يظهر، أحياناً بمظهر فريق عادي في الموسم الحالي في حال لم ننظر إلى نتائج فيرشتابن المذهلة، إذ أن بإمكان فيرشتابن استخلاص أقصى قدرات هذه السيارة، ولكن من جهةٍ أخرى فإن بيار غاسلي لم يتمكن من مجاراة وتيرة ماكس فيرشتابن، والأمر ذاته يتكرر مع أليكساندر ألبون منذ جولة بلجيكا، ومن المستبعد أن يتغير ذلك.
حسناً، سياسة ريد بُل تقضي بعدم ضم أي سائق ليس جزءاً من أكاديمية تطوير السائقين، وهذا قرارٌ منطقي نظراً لأن فريق ريد بُل ينفق أموالاً طائلة للاستثمار في مسيرة هؤلاء السائقين، وتطويرهم لاستقدامهم إلى الفورمولا 1. لكن عليهم الإدراك أنه في بعض الأحيان، فإن اتباع هذه السياسة ينعكس سلباً على الفريق في الفورمولا 1.
إذ أن فريق ريد بُل يتأثر بشكلٍ كبير مع عدم القدرة على المنافسة مع سيارتَيه في الصدارة، خصوصاً في المعركة على المركز الثاني (على اعتبار أن الألقاب أصبحت محسومةً عاجلاً أم آجلاً لمصلحة مرسيدس في 2019) في ترتيب بطولة العالم للصانعين.
في بعض الأحيان، تقضي سياسة ريد بُل بترقية سائق إلى الفريق الأساسي حتى وإن لم يكن بأفضل وضعٍ وأفضل جاهزية. على سبيل المثال، في حالة دانيل كفيات، كان ذلك منطقياً نظراً لأن فريق ريد بُل كان يدرك أن تواجد كفيات ضمن صفوفه سيكون مرحلةً مؤقتةً لحين ترقية ماكس فيرشتابن، الذي كان الجميع يعلم بأنه النجم المقبل لـ ريد بُل.
ولكن الآن، مع النظر إلى السائقين المتواجدين في برنامج ريد بُل، لا يوجد أي ‘نجم مقبل’ بموهبةٍ مماثلةٍ لـ فيرشتابن، أو حتى لـ ريكاردو أو فيتيل قبله. ربما كان على فريق ريد بُل عدم التخلي عن كارلوس ساينز، لأنه كان سيكون الزميل المثالي لـ فيرشتابن في الموسم الحالي. إلا أن ساينز بدأ شراكةً طويلة الأمد مع فريق ماكلارين خارج أسوار ريد بُل، وعليهم التأقلم مع ذلك.
ومع عدم وجود سائق بإمكانه مجاراة فيرشتابن، أو حتى البقاء على مقربةٍ منه، فإن فريق ريد بُل يتجه لإنهاء الموسم الحالي بالمركز الثالث في ترتيب بطولة العالم للصانعين مجدداً خلف مرسيدس وفيراري.
لهذا السبب، على فريق ريد بُل التخلي، بعض الشيء، عن كبريائهم بنجاح برنامجهم للسائقين باستمرار، والإدراك أن الأمور قد لا تسير كما قد يكون مخططاً لها مع الاستعداد لموسم 2020 واتخاذ قرار جريء بضم الألماني نيكو هولكنبرغ، حتى رغم تصريحاتهم السابقة بأنهم يستبعدون حصول ذلك.
الجميع في أوساط الفورمولا 1 يدرك الموهبة التي يتمتع بها هولكنبرغ، ويدرك بأنه من أفضل السائقين الذين لم يحصلوا على فرصةٍ لإثبات جدارتهم وقدراتهم الحقيقية في الفئة الملكة في عالم رياضة المحركات رغم النجاحات التي لا يستهان بها في فئاتٍ أخرى كان أبرزها فوز هولكنبرغ بسباق لومان 24 ساعة.
رأي: هولكنبرغ يبدأ مخاطرة جريئة قد تؤتي بثمارها
نتيجةً لذلك، فإن هولكنبرغ من أكثر السائقين تعطشاً على شبكة الانطلاق، ويريد اغتنام فرصة حصوله على سيارةٍ تنافسية لإثبات قدراته وتحقيق نتائج وإنجازات طال انتظارها في مسيرةٍ كان قد بدأها في الفورمولا 1 منذ 2010.
سيكون بإمكان فريق ريد بُل الاعتماد على هولكنبرغ للتمتع بمستوى أداء ثابت، إذ أن لديه خبرةً كبيرةً في البطولة، وسيكون الزميل المثالي لـ فيرشتابن في الموسم المقبل.
اتخاذ فريق ريد بُل لقرارٍ بضم هولكنبرغ لن يكون جيداً بالنسبة لـ هولكنبرغ فقط، وإنما ستكون له تأثيرات إيجابية للفريق أيضاً الذي سيكون بإمكانه الاعتماد على سائقَيه لتحقيق نتائج جيدة، بالترافق مع الأثر الإيجابي الكبير للسائقين اليافعين في برنامج ريد بُل إذ ستكون لديهم فرصة اكتساب المزيد من الخبرة وتطوير قدراتهم مع فريق تورو روسو بعيداً عن الأضواء.
انضمام هولكنبرغ إلى ريد بُل في 2020 يجب أن يترافق بتواجد ألبون وغاسلي ضمن صفوف تورو روسو، إذ أن على ريد بُل التخلي عن كفيات مع تأكيدهم بأنه لن يحصل على فرصة للانتقال إلى الفريق الأساسي، وبالتالي يجب منح الروسي فرصةً للمضي قدماً في مستقبله في الفورمولا 1.
في حال لم يكن بإمكان فريق ريد بُل المنافسة على الألقاب في الموسم المقبل، فإن فيرشتابن أكد في عدة مناسباتٍ أنه سيفكر بعدم تجديد عقده مع الفريق وبالتالي سيدرس إمكانية الرحيل إلى فريقٍ سيمنحه فرصةً للفوز بالألقاب. ومع عدم وجود أي نجم صاعد في برنامج ريد بُل في الوقت الحالي، فإن عدم ضم هولكنبرغ قد يعني وجود الفريق في مأزق مع عدم وجود أي سائق بإمكانه الارتقاء إلى مهمة القيادة لمصلحة الفريق والمنافسة في الصدارة.
لطالما قدم فريق ريد بُل مواهباً لا يستهان بها في الفورمولا 1. لكن في الوقت الحالي، ربما على الفريق اتخاذ قرار جريء بضم هولكنبرغ، الذي يتمتع بموهبةٍ مذهلةٍ أيضاً، للمضي قدماً ومواجهة التحديات المستقبلية بانتظار ‘النجم المقبل’ لعملاق مشروبات الطاقة.