أيامٌ قليلة تفصلنا عن انطلاق جائزة أستراليا الكبرى الافتتاحية لموسم 2020 من بطولة العالم للفورمولا 1. موسمٌ قد يعد بالكثير، وبمنافسةٍ محتدمة في الصدارة وفي متوسط الترتيب. ما الذي يمكننا توقعه في هذا الموسم؟ لنستعرض ذلك سويةً…
جميع عشّاق الفورمولا 1 ينتظرون نهاية الأسبوع الحالي بفارغ الصبر، بغض النظر إن كان المشجعون من القدامى لهذه البطولة، أم مشجعون جدد أثارت اهتمامهم الفئة الملكة من رياضة المحركات بشكلٍ أو بآخر.
المزيد من أخبار الفورمولا 1!
الاتحاد الدولي يسمح بتغيير السائقين لتصميم الخوذ
إنشاء ‘خلية أزمة’ للتعامل مع تأثير كورونا في رياضة المحركات
فيرشتابن: منعطف زاندفورت المنحدر مميز جداً
ومع اقتراب موعد جولة أستراليا من حلبة ألبرت بارك في ملبورن، فإن حصتَي التجارب الأولى، الثانية، والثالثة تمنحنا الفكرة الأولى لمستوى تأدية السيارات قبل بدء الحصة التأهيلية التي ينتظرها الجميع.
ففي الحصة التأهيلية، تتوقف الألاعيب. على كافة الفرق إطلاق العنان لسياراتها: كمية قليلة من الوقود، مع إطاراتٍ جديدة، أقوى وأفضل معايير ضبط للمحركات لمحاولة تسجيل السائقين لأسرع توقيتٍ ممكن. فقط في حينها، سيكون بإمكاننا معرفة مستوى أداء كل فريق بشكلٍ واضح بعد كافة المحاولات للتنبؤ بترتيب الفرق التنافسي في التجارب الشتوية، وهي تنبؤاتٌ ستستمر أيضاً في تجارب أستراليا قبل الحصة التأهيلية.
بعد الحصة التأهيلية، تتجه الأنظار إلى السباق الذي ينتظره الجميع. وفي حين أن جائزة أستراليا الكبرى قد لا تقدم لنا العديد من السباقات المثيرة، نظراً لصعوبة التجاوزات، إلا أنها بالتأكيد قدمت العديد من المفاجآت في السابق.
اقرأ أيضاً: الاتحاد الدولي يدافع عن تسوية فيراري بعد اعتراض سبعة فرق
لكن ما الذي نعرفه حتى الآن؟ بعد نهاية التجارب الشتوية، ومع التوجه إلى جائزة أستراليا الكبرى.
من المؤكد أن ‘بنية’ الفورمولا 1 لم تتغير عن الأعوام الماضية: هناك ثلاثة فرق في الصدارة، أو ‘الثلاثة الكبار’ كما يُطلق عليهم: مع مرسيدس، فيراري، وريد بُل.
هذه الفرق الثلاثة لديها الميزانيات الأضخم والموارد الأكبر للعمل على تصميم وتطوير السيارات باستمرار، ولكن من الصعب التوقع بالترتيب التنافسي لهذه الفرق قبل الحصة التأهيلية في ملبورن.
فريق مرسيدس يعتبر المرشح الأبرز بالتأكيد، بعد فوزه باللقب العالمي ست مراتٍ متتالية منذ 2014 وحتى العام الماضي، وأظهرت سيارة ‘دبليو 11’ مستوى تأديةٍ قوي جداً خلال أيام التجارب الشتوية.
إلا أن تلك التجارب الشتوية، والتي أُقيمت في حلبة برشلونة الإسبانية، لم تكن خاليةً من المشاكل بالنسبة للصانع الألماني…
حيث واجه فريق مرسيدس مشاكلاً في وحدة الطاقة، والتي أدت إلى تبديل المحرك عدة مراتٍ في التجارب، كما واجه فريق ويليامز الذي يستخدم محركات مرسيدس مشاكل في هذا المجال أيضاً.
هذا الأمر يلقي بظلاله على مرسيدس، ولا بد من معالجة الفريق لهذه المشاكل بأسرع وقتٍ لضمان تحقيق أفضل نتيجة ممكنة في أستراليا.
اقرأ أيضاً
هاميلتون لا يعلم مركز مرسيدس مقارنة مع المنافسين
هاميلتون قلق من موثوقية محركات مرسيدس
بوتاس: سيارة مرسيدس لـ 2020 مستقرة أكثر من العام الماضي
إلا أن التنظيم في فريق مرسيدس، والذي يترافق مع عدم الهلع أثناء مواجهة المشاكل والسعي إلى وضع إجراءات واضحة وسريعة لمعالجة نقاط الضعف، قد يعني أن بإمكان الأسهم الفضية التوجه إلى أستراليا مع التحلي بثقةٍ بعدم مواجهة تلك المشاكل، وفي هذه الحالة من المؤكد أن فريق مرسيدس سيكون من أبرز المنافسين على الفوز بالسباق.
كما أن لويس هاميلتون عينه على إكمال موسم 2020 قد يكون تاريخياً مع مرسيدس، مع إمكانية التفوق على الرقم القياسي الذي سجله الأسطورة مايكل شوماخر لعدد مرات الفوز بالسباقات، إضافةً إلى معادلة عدد ألقاب شوماخر في حال فوز هاميلتون بلقبه العالمي السابع في 2020.
أما بالنسبة لفريق ريد بُل، فإن التجارب الشتوية أظهرت أن هذا الفريق قد يكون المنافس الأقرب لـ مرسيدس في الوقت الحالي.
حيث أظهرت سيارة ‘أر بي 16’ تأديةً جيدةً في التجارب، مع استخدامها لوحدة طاقة هوندا التي تتمتع بموثوقيةٍ أفضل بكثير من الأعوام الماضية، وهذه الموثوقية ترافقت مع تحسن قوة المحركات.
لدى فريق ريد بُل سلاح مذهل للاستعانة به، ألا وهو السائق ماكس فيرشتابن، المتعطش أكثر من أي وقتٍ مضى للفوز بالسباقات وتشكيل تهديد حقيقي للمنافسة على اللقب طوال الموسم.
القلق لدى فريق ريد بُل يتمثل باستقرار القسم الخلفي للسيارة. ففي حين أنها كانت سريعةً، وأظهرت وتيرةً عاليةً، إلا أن ماكس فيرشتابن، وزميله أليكس ألبون، واجها مشاكل في فقدان السيطرة على القسم الخلفي من السيارة، ما أدى إلى انزلاقها عدة مراتٍ في التجارب الشتوية.
اقرأ أيضاً:
ماكس فيرشتابن يشعر أنه مستعد لجولة أستراليا
فيرشتابن سعيد بموثوقية محركات هوندا
فريق مرسيدس يتوقع منافسة شرسة من فيرشتابن في 2020
لا بد من الضغط على السيارة إلى أقصى الحدود للتفوق على كافة المنافسين، ولكن في حال كانت هناك مشاكل في استقرار القسم الخلفي من السيارة، قد يُجبر فيرشتابن وألبون على عدم الضغط واستخلاص أقصى قدرات السيارة خوفاً من انزلاقها.
لطالما بدأ فريق ريد بُل الأعوام الماضية ببطء، مع عدم القدرة على المنافسة على الفوز بالسباقات، ومن ثم تمتع الفريق بوتيرةٍ تطويريةٍ عالية لينهي لموسم كأحد أفضل الفرق. إلا أن كافة الدلائل تشير إلى أن بداية 2020 ستكون أفضل لـ ريد بُل.
أما بالنسبة لفريق فيراري، هناك العديد من الشكوك التي تحيط بالمستوى الحقيقي للفريق، رغم التصريحات التشاؤمية لمدراء فيراري خلال أيام التجارب الشتوية.
في 2019، تألق فريق فيراري في التجارب الشتوية، مع وجود ثقة كبيرة في تصريحات الفريق بأن الهدف هو إعادة الألقاب إلى الصانع الإيطالي في 2019، وهو هدفٌ اصطدم بخيبة أملٍ كبيرة مع بدء السباقات من جولة أستراليا، مع صعوبة تعامل السيارة مع إطارات بيريللي وعدم توليد مستويات ارتكازية عالية.
الفريق أكد أنه عالج نقاط الضعف هذه مع تصميم سيارة ‘أس أف 1000’ لموسم 2020، ولكن هذا الأمر ترافق مع ازدياد قوة السحب للسيارة وبالتالي انخفاض سرعتها على الخطوط المستقيمة. السيارة أسرع بكثير من العام الماضي في المنعطفات، ولكنها أبطأ بفارق ملحوظ في الخطوط المستقيمة.
فريق فيراري استبعد أن يكون ضمن دائرة المنافسة على الفوز في أستراليا، كما أنه أكد تفوق منافسيه في هذه المرحلة. ولكن هل هذا الأمر صحيح، أم أن فريق فيراري يريد خفض سقف التوقعات قبل مفاجأة الجميع في أستراليا؟
اقرأ أيضاً:
‘من الغباء’ الاستهانة بقدرات فيراري في موسم 2020
فريق فيراري لن يرتاح لحين الفوز بالألقاب مجدداً
فيراري: نمنح سرعة السيارة تقييم (6/10) حالياً
السرعات القصوى التي سجلتها سيارة فيراري ‘أس أف 1000’ في التجارب الشتوية لم تكن مذهلةً، ولكن في حال كان الفريق يعتمد معايير ضبط منخفضة لقوة المحرك، فإن تأدية السيارة قد تكون قويةً في الحصة التأهيلية والسباق في أستراليا. حيث ستترافق السرعة في المنعطفات مع سرعةٍ عالية في الخطوط المستقيمة.
من غير الواضح، حتى الآن، إن كان بإمكان فيراري المنافسة في الصدارة في أستراليا. لكن يجب عدم الاستهانة بقدرات الحصان الجامح على معالجة المشاكل التي واجهها في التجارب الشتوية والتواجد ضمن دائرة المنافسة على الفور.
بعد ‘الثلاثة الكبار’ لدينا فرق متوسط الترتيب. هناك فارق، كما حصل في الأعوام الماضية، بين هاتين المجموعتَين، نظراً لعدم قدرة فرق متوسط الترتيب على مجاراة وتيرة فرق الصدارة وعدم التمتع بنفس الموارد والميزانيات الضخمة، ما أدى إلى وجود ‘معركة جانبية’ بين هذه الفرق التي تسعى جميعها للحصول على مركز صدارة متوسط الترتيب، ألا وهو المركز الرابع في بطولة العالم للصانعين.
لكن، في موسم 2020، يبدو أن الفارق بين الثلاثة الكبار ومتوسط الترتيب سيكون أقل مما كان عليه في الأعوام الماضية، وهذا الأمر يعتبر مبشراً نظراً لإمكانية تحقيق بعض فرق متوسط الترتيب لنتائج مفاجئة أو حتى منافسة إحدى فرق الصدارة في بعض الأحيان.
فريق رايسنغ بوينت يعتبر أبرز مرشحٍ لتصدر متوسط الترتيب في 2020، مع اعتماد نهج في تصميم سيارة ‘أر بي 20’ اعتمد على ”نسخ“ تصميم سيارة مرسيدس من العام الماضي من خلال الصور المتاحة لها.
هذا الأمر أدى إلى وجود تشابهات كبيرة بين السيارتَين، وهي تشابهاتٌ ترافقت مع مستوى الأداء الأفضل بكثير لـ رايسنغ بوينت، الفريق الذي يستخدم بالأساس وحدات طاقة مرسيدس.
اقرأ أيضاً:
فريق رايسنغ بوينت يجهل لمَ قد تعترض فرق على سيارته
بداية التجارب الشتوية ‘الأفضل لـ ماكلارين’ منذ أعوام
نوريس لا يعلم ما هي فرق متوسط الترتيب بسبب رايسنغ بوينت
فريق رايسنغ بوينت يعتبر من الأصغر على شبكة الانطلاق، ولكن لطالما كان بإمكانه تقديم مستوى أداء قوي بالنسبة لميزانيته. وفي 2020، فإن الوضع المالي للفريق يعتبر أفضل بكثير، ومن دون شك أن لدى الفريق طموحات كبيرة للموسم الجديد الذي سيكون الأخير له تحت اسمه الحالي، حيث سيُعرف الفريق بـ ‘أستون مارتن’ في 2021، وبالتالي فإن موسم 2020 سيكون تمهيداً لمشاركة اسمٍ عريق من عالم السيارات الرياضية في الفورمولا 1.
خلف رايسنغ بوينت تحتدم المنافسة بشكلٍ كبير، فريق ماكلارين يعتبر قريباً جداً من رايسنغ بوينت، ويسعى الفريق إلى المحافظة على وتيرةٍ عالية بعدما أنهى العام الماضي في صدارة متوسط الترتيب، ويثق الفريق بأن الخطوة المقبلة هي تقليص الفارق إلى الصدارة.
بينما تبقى هناك تساؤلات حول فريق رينو، والذي يعاني من ضياعٍ إداري مع عدم وجود بنية واضحة للعمل رغم الميزانية التي تعتبر من الأفضل في متوسط الترتيب، ولكن بالتأكيد فإن موسم 2020 يعتبر حاسماً للصانع الفرنسي الذي لا بد له من إظهار تقدم ملموس في مستوى تأديته.
من المستبعد أن فريق رينو يعتبر بنفس مستوى رايسنغ بوينت أو ماكلارين في الوقت الحالي، وربما قد يكون متأخراً عن فريق ألفا توري أيضاً، ولكن المعركة محتدمة جداً في منطقة متوسط الترتيب والفروقات تعتبر بسيطةً، ويمكن لأبسط التفاصيل أن تؤدي إلى تغيير ترتيب الفرق في معركةٍ تعد بأن تكون مذهلةً طوال الموسم.
بعد ذلك ‘الرباعي’ في متوسط الترتيب، ممثلاً بـ رايسنغ بوينت، ماكلارين، رينو، وألفا توري، فإن الفرق الثلاثة المتبقية قد تنافس في متوسط الترتيب أيضاً، إلا أنها أظهرت تأديةً متواضعةً مقارنةً بالمنافسين في التجارب الشتوية.
هذه الفرق هي ألفا روميو، هاس، وويليامز. والتي من المرجح أن تحتل المراكز الثلاثة الأخيرة في ترتيب بطولة الصانعين في 2020.
موسم 2020 من بطولة العالم للفورمولا 1 يعد بالكثير. ومن المؤكد أن المنافسة ستكون مشتعلةً طوال الموسم في معركةٍ نأمل أن لا تُحسم إلا في اللفات الأخيرة من سباق جائزة أبوظبي الكبرى الختامية لهذا الموسم.
وبعد فترةٍ شتويةٍ كانت طويلةً جداً، لا يمكننا القول سوى: هيّا للتسابق!