على غير العادة، نتطرق في هذا المقال إلى قصة تتعلق بالشجاعة والقوة الإنسانية لكي تتكامل مع السيارة وتكون قُدوة في عالم رياضة المُحركات، وليست مُجرد قصة سائقٍ ناشئ يشق طريقه في إحدى فئات رياضة المٌحركات، إنها قصة نيكولاس هاميلتون (شقيق لويس) الذي شق طريقه في رياضة السيارات، بينما يتعايش مع إعاقته الخلقية.
في هذا المقال ننقل لكم حديث السائق الناشئ في بطولة بريطانيا للسيارات السياحية “بي تي سي سي” مع سكوت ميتشل مراسل أوتوسبورت لشؤون هذه البُطولة.مقال شيق يُعطينا جميعًا الدافع لكي نُصبح جميعنا أفضل مهما كانت العقبات.
لويس هاميلتون. وهنا، الخروج عن المألوف. اسم يلقي بظلالٍ كبيرة – خصوصًا هذا الاسم، ولكن هذه قصة شخص لامع. إنها قصة نيكولاس هاميلتون.
حصل هذا الشاب الذي يبلغ من العمر 23 عاماً على المجال لعرض قصته على أتوسبورت بغض النظر عن علاقة الأخوة من جهة الأب التي تجمعه مع بطل العالم في الفورمولا واحد لمرتين. وإذا لم تكونوا على علم يعاني هاميلتون من شلل دماغي. وتعني هذه الحالة، التي أثرت في سيطرته على عضلاته وتحريكها، بأنه كان يجلس على كرسي متحرك لغاية بضع سنوات مضت ولا يزال يعاني من صعوبة في التحرك لغاية الآن.
وما الذي يجعله مختلفًا عن أكثر من 150.000 شخص يعاني من الشلل الدماغي في بريطانيا، ولماذا نحن مهتمون به؟ لأنه أصبح سائقًا في بُطولة بريطانيا للسيارات السياحية “بي تي سي سي” على حلبة كروفت الشهر الماضي. ولا أقصد إهانة ذكائكم وأشير إلى أن نجاح لويس لم يُساعد في دعم موقف نيكولاس. حيث لا يشعر بالخجل من ذلك إطلاقًا.
حيث قال نيكولاس: “أنا فخورٌ بتعاوني مع عائلتي وما حققه لويس”، وأضاف: “نحن متعودون دائمًا على ذلك، [سماع أشياء من قبيل] ‘شقيق لويس’ وما إلى ذلك. ولكني أركز على نفسي الآن وأخرج من عباءته – على الرغم من أني فخورٌ في الوقت نفسه بكوني داخلها”.
تعتبر طريقته لفعل هذا هي من خلال بطولة بريطانيا للسيارات السياحية رائعة عندما تأخذون بالاعتبار شدة إعاقته. وقد تعتقدون بأن هاميلتون يسيء التصرف بالتظاهر بعدم ملاحظة الصعوبة عندما يحاول المُناورة داخل شاحنة فريق “أيه أم دي” معدلة، لأنه يصارع للسيطرة على الجهود الكبيرة التي يبذلها فيها إلى المرحلة التي تمكن فيها من قيادة سيارة الفريق المُشاركة في البطولة من طراز أودي “أس 3”.
واعترف هاميلتون بالقول: “خلال التجارب كنت أعاني على مستوى الطلعات الطويلة؛ إذ قد تبدأ ساقي تؤلمني”، حيث جُهزت سيارة أودي التي يقودها بنظام قابض فاصل يعمل بواسطة اليد ودواسات أعرض بعض الشيء مع مسافات أكبر بينها.
“ولكن ضغطت بقوة مجدداً. وحالما تقود سيارة تعرف ما عليك فعله لكي تقوي نفسك. ولا أعاني الآن؛ الأمر لا يشكل مشكلة من ناحية حالتي – حصلت على ما يكفي من القوة لكي أستمر بالتسابق”.
– سيُشارك هاميلتون في 5 جولات من “بي تي سي سي” هذا الموسم، وسيجلس خلف مقود سيارة أودي “أس 3” مُعدلة بعض الشيء.
مُنح نيكولاس هاميلتون المُشاركة في البُطولة بصفة ضيف وبدأ حملته في بطولة بريطانيا للسيارات السياحية “بي تي سي سي” بالتسابق على حلبة كروفت، حيث سيخوض غمار 4 سباقات أخرى هذا الموسم، كما لن يشارك في الجولة على حلبة نوكهيل نظرًا للعدد المُحدد للمُشاركين في السباق.
وبينما يعتبر سباق كروفت بداية جزءٍ جديد من مسيرته التسابقية، إلا أنها تُشكل نهاية طريقٍ طويل اجتازه نيكولاس، حيث وضح أنظاره على السلسلة منذ عام 2013، وحاول المُشاركة كسائق مُستقل، وعلى الرغم من وجود حضور كبير لعلامة مشروبات الطاقة مونستر – وهي راعية لأخيه لويس أيضًا – على سيارته، إلا أنها قصة مختلفة عن العامين الذين قضاهما في سلسلة كأس رينو كليو المملكة المُتحدة، عندما كانت سيارته مُغطاة بإعلانات رعاة لويس وفريقه ماكلارين آنذاك.
وبفخرٍ كبير قال: “الموضوع الآن هو ان بإمكاني الجلوس في مقعدي والقول إني اكتسبته”، وأضاف: “عملت بشكلٍ مُتواصل طوال العامين الماضيين، وكان الأمر مُتعلقًا بي وبمُساعدة من فريق إدارتي لجمع التمويل والرعاية، كنت أنا الدافع لكل هذا وحصلت عليه كله”.
“الأمر برمته يتعلق بما تُريد أن تفعله، يتعلق بي تمامًا. كانت رحلة مثيرةً فعلًا. إذا نظرتم لي عام 2006 عندما كُنتُ على الكرسي المُتحرِّك، لم تكن الأمور تبدو جيدة – خُصوصًا على المُستوى الرياضي. أذكر عندما غادرت منزلي يوم الجُمعة وأنا أُفكر ‘رائع، أنا ذاهب لحُضور أول اجتماع سباق لي في بطولة بريطانيا للسيارات السياحية، أُنظر للسافة الكبيرة التي اجتزناها'”.
– كان لنيكولاس حضور مُنتظم لدعم شقيقه لويس في الفورمولا واحد.
“ويبدو غريبًا بعض الشيء أن تعرف بأن التي سأجلس خلف مقودها تنتظري لكي أستقلها، يُعتبر حجم العمل والمجهود الذي بذلناه للوُصول إلى هذه المرحلة استثنائيًا. أنا فخورٌ لتواجدي على شبكة الانطلاق – إنه حدثٌ هام بحد ذاته”.
وقد يكون من السهل في نهاية ذلك الأسبوع النظر في جدول الأوقات المُحققة على حلبة كروفت والتصريح بأنها كانت أمرًا خاطئًا وبأن هذه الخطوة كانت مُبكرةً جدًّا. وبعد كل هذا، تمكن من التأهل في المركز 29، بفارق نصف ثانية عن السائق الذي يسبقه وبعيدًا بفارق 4 ثواني عن صاحب المركز الأول على شبكة الانطلاق، ومن ثم أنهى السباق في المركز الأخير بين الذين خاضوا جميع السباقات الثلاثة للجولة بطريقةٍ نظيفة بدون مشاكل. ولكن قد يبدو هذ تلميع للنتائج وتجاهل للمضمون.
ينبغي أن يكون توقيت أفضل لفة له خلال التجارب التأهيلية أسرع بثانية واحدة لو لم يُخفق عند مُنعطف المُجمَّع، ورُبما كان سينطلق من بضعة مراكز للأمام من مركزه – أو، كما أشار إليه بنفسه: “تعرضت للضرب من أشخاص مُعافين”. كان ذلك على الحلبة التي يقُد عليها مُنذ 2012، حيث لم يخُض سوى 3 أيام فقط من التجارب في فئة السيارات السياحية.
تراجع أداء هاميلتون بفارق 5.2 ثانية عن أفضل زمن حققه خلال فترة التجارب الحرة الأولى، وليُحقق أفضل لفة بتوقيت أبطأ بفارق 3.5 ثانية عن أفضل توقيت حققه في السباق الثالث. خاض 3 سباقات نظيفة، وهو الأمر الذي لم يتحقق للكثير من السائقين الآخرين، وينبغي أن ننظر وعن استحقاق للخطوة الكبيرة التي اجتازها للأمام على حلبة سنيتيرون – وهو المكان الذي خاض فيه التجارب على متن سيارة أودي – عندما استُؤنِفَت البُطولة في شهر أغسطس/ آب. ومن شبه المُؤكد أن لا نراه في مُؤخرة شبكة الانطلاق لفترة طويلة.
قد تنظرون إلى هذا الكلام على أنه تقييم مُفرط بالتفاؤل للسائق لم يُحقق لغاية الآن نقاطًا، دعكم من الصفوف الأمامية. ولكن وبينما يوجد عنصرين يقوم الناس تلقائيًا بتسجليهما عندما يُفكرون بهاميلتون – أخوه وإعاقته – هنالك عنصر ثالث مُهم جدًّا بقدر العنصرين السابقين فيما يتعلق بانتقاله إلى بطولة بريطانيا للسيارات السياحية ألا وهو قلة خبرته.
كان آخر موسمٍ خاضه بالكامل عام 2012، عندما خاض موسمًا ثانيًا مُخيبًّا في سلسلة كأس رينو كليو المملكة المُتحدة حيث تعرض للحوادث. وقبل ذلك ليس لديه أي خلفية في سباقات الكارتينغ – تشهد إعاقته على ذلك.
– يُشكل الموسمين اللذان قضاهما نيكولاس في سلسلة كأس رينو كليو المملكة المُتحدة كامل خبرته التسابقية.
ومنذ ذلك الحين شارك في بضعة سباقات على متن سيارة سيات في كأس أوروبا للسيارات السياحية، ولكن ذلك انتهى في مُنتصف موسم 2013. كما خاض تجارب على متن سيارة جينيتا من طراز “جي 55” في وقتٍ مُبكر من عام 2014 وهذا كل ما في جعبته مُنذ أن توقفت مسيرته التسابقية قبل عامين إلى اللحظة التي خاض فيها التجارب على سيارة أودي.
حددت مُثابرة وتصميم هاميلتون على العيش والتنافس لمُواجه إعاقته الشديدة شخصيته، ولكن قلة خبرته هي من تُحدد قدراته كسائق. كان قادرًا على العمل على قدراته الجسدية المحدودة، وغالبًا ما يُصرِّح بأن الجهود التي بذلها في التدريب حيث كان بالكاد قادرًا على دفع 20 كيلوغرامًا بساقيه إلى أن أصبح يدفع ما يزيد عن 100 كيلو غرام بأريحية (للمُقارنة تتطلب سيارة بطولة بريطانيا للسيارات السياحية 90 كيلوغرامًا من الضغط على دواسة المكابح بقوة قُصوى).
أما قلة المشاركات في رصيده هي أمرٌ سيتكفل الزمن بتجاوزها. بطولة بريطانيا للسيارات السياحية مُتطلبة وعليك المُنافسة فيها بقوة مثل أي بُطولة أخرى، هنالك سائقين حققوا نجاحًا في مُختلف فئات التسابق التي تُشرف عليها مُنظمة توكا أو في كانوا سائقين سابقين في فئات سباقات المقعد الأحادي للناشئين عانوا للوصول إليها والنجاح فيها.
ولنزيد على الشعر بيتًا، حتى الأبطال السابقين عادوا وعلقوا في منطقة وسط الترتيب. ما هي الفرص التي لدى سائق ناشىء من ذوي الاحتياجات الخاصة مع خبرة المُشاركة لموسمين كاملين فقط – وفترة توقف لعامين آخرين بين سباقه الأخير وسباقه الأول في بطولة بريطانيا للسيارات السياحية؟
حيث قال: “أولًا أريد أن يفهم الناس بأني لم أخطط للمجيء إلى هُنا وأفاجئ الجميع”، وأضاف: “عرفت بأن ذلك سيكون صعبًا، وأريد من الناس أن يفهموا بأنها عملية تعلم هائلة بالنسبة لي”.
“تُعتبر قلة الخبرة من المكان الذي تجيء منه أمرًا لا مفر منه. لا يُمكن التوقف عن التعلم إطلاقًا ولياقتي ليست بالأمر المُهم ولذلك تغلبت الآن على حالتي للوُصول إلى هذه المرحلة”.
“عندما تجلس في السيارة وليس لديك الخبرة والثقة التي تحتاجها، هُنا يُصبح الأمر صعبًا. لا يُمكنك استبدالها. ولذلك من الصعب جدًّا الجُلوس في السيارة والحُصول على الأداء منها”.
يعتقد هاميلتون أنها مسألة وقت قبل أن يتخطى هذه المرحلة، وسيكون من الفظاظة التخلي عن هذا التفاؤل على خلفية ما كان بداية مُشجعة.
وسيتقدم للأمام حالما يبدأ، وسينتبه إليه المزيد من الأشخاص – ويأخذونه على محمل الجد. ومن ثمَّ يُمكن لشعار ‘القيادة من أجل الإلهام’ التي يُوصف بها مشروعه أن يتحقق على أرض الواقع، علمًا بأنه سيحقق نجاحًا كبيرًا لو فعلت وسائل التواصل الاجتماعي شيئًا لاستمراره.
إنها وجهة نظر بارزة ولاحظناها عندما سألنا هاميلتون عن سبب اختياره لبطولة بريطانيا للسيارات السياحية “بي تي سي سي” إنها وجهة مهمة، ليس فقط من ناحية سعيه للحُصول على مقعد في عالم رياضة المُحركات ولكن كبوابة لأولئك الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة أو حتى المُعافين الذين يحتاجون للدافع، يُمكنكم أن تنظروا إلى النوايا الطيبة تجاه الإيطالي آليكس زاناردي، الذي استمر في مسيرته التسابقية بعد أن فقد كلتا ساقيه في حادثٍ تعرض له في بُطولة كارت الامريكية ولكنه أعاد اكتشاف نفسه ومسيرته الرياضية ليُصبح من أفضل اللاعبين الأولمبيين لذوي الاحتياجات الخاصة.
مع ذلك، ما يُريد هاميلتون فعله هو محاوله إظهار مقدرته على أن يكون سائقًا جيدًا إذا بدأت مع إعاقة، على العكس من زاناردي – حتى لو أدى هذا إلى خلق عقبات كبيرة.
حيث قال: “أحب أن ينظروا للأمر بالقول: أنا شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة وتغلبت على أشخاص مُعافين”، وأضاف: “هذا ما أحب رُؤيته. هذا أمر لم يسمع به أحد من قبل في رياضة المُحركات؛ يعتقد الناس أنه من المُستحيل القيام بذلك. سيكون لدي المزيد من الوقت لكي أظهر قوتي الحقيقية وأريد من الناس أن تقف معي فقط وأن تشعر بالإلهام مما أفعله”.
“لدي الكثير لكي أتعلمه ويحصل في بطولة بريطانيا للسيارات السياحية وهؤلاء الرجال لا يُعاقبون أحدًا، هنالك كم هائل من الأمور لأتعلم كيف أضغظ على نفسي لكي أحقق نتيجة. أريد الفوز؛ أريد أن أصبح أسرع. التقدم هو الشيء الذي على الناس النظر إليه”.