أمام بطولة العالم للفورمولا 1 فرصة لتعويض بعض الإثارة التي افتقدناها في جولة فرنسا، مع توجه فرق وسائقي البطولة إلى حلبة ريد بُل رينغ، لخوض تاسع جولات البطولة لموسم 2019، نهاية هذا الأسبوع.
لطالما قدمت حلبة ريد بُل رينغ، والتي عادت إلى البطولة عام 2014، سباقات مثيرة للغاية فيها ما فيها من تنافس قريب وأحداث ممتعة خلال الأعوام السابقة.
كانت الحلبة النمساوية قد دخلت معترك بطولة العالم للفورمولا 1 عام 1970 للمرة الأولى تحت مسمى ‘أوستريشرينغ‘، بمسار سريع جداً وضع ضغطاً على السائقين والسيارة على حد سواء، لتقرر إدارة البطولة التخلي عنها نتيجة خطورتها عام 1987.
بعد ذلك بعشرة أعوام، عادت الحلبة إلى البطولة بحلة جديدة، بتصميم عصري هو الأول لمهندس الحلبات الشهير هيرمان تيلكه، تميز بمسار أقصر مع عامل خطورة أقل، وأعيد تسميتها بحلبة ‘آيه 1 رينغ‘.
وخلال مدة لم تتجاوز سبعة أعوام، أصبحت الحلبة النمساوية علامة مميزة وتجارية في البطولة كحلبتي الصين والبحرين، وعندما أصبح فريق ريد بُل أحد أبرز الفرق في البطولة في العقد الأخير، قرر مؤسس شركة مشروب الطاقة الأشهر في العالم شراء الحلبة وإعادتها إلى سابق أمجادها.
التصميم الحالي للحلبة، مختلف جذرياً عما كان عليه، الشكل الأساسي هو نفسه، لكن المنعطفات التي كانت سريعة جداً تغيرت الآن، فالمنعطفات الأربعة الأولى أصحب أضيق موفرة فرص تجاوز ممتازة، خاصة المنعطف الثالث، في حين يرتكز القسم الثاني من الحلبة بشكل أساسي على قدرة السائق في التحكم بسيارته ودقته، خاصة عند المنعطفات 9 و10.
ما يمكن توقعه في هذه الجولة!
ييدو أن سيطرة مرسيدس على البطولة ليست قابلة للمناقشة، وهذا ما سنشهده على الأرجح في النمسا، بينما قد تجد فيراري بعض الأفضلية على الخطوط المستقيمة، لكن مع درجات الحرارة المرتفعة، ستلعب الإطارات دوراً محورياً، وبالتالي هذا يصب في مصلحة سيارة مرسيدس “دبليو 10” بكل تأكيد.
ربما تكون الموثوقية عاملاً مؤرقاً للفريق الألماني في هذه الجولة، إذ كان سباق العام الماضي هو الأسوأ لـ مرسيدس، مع انسحاب سائقَيها لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس، الأمر الذي أفسح المجال أمام السائق ماكس فيرشتابن لمنح فريقه ريد بُل فوزاً على أرضه وأمام جمهوره.
لكن ومع عدم معاناة الأسهم الفضية لأي مشاكل على هذا الصعيد في هذا الموسم حتى الآن، سنكون أمام معركة متقاربة بين هاميلتون وبوتاس، خاصة أن الأخير لطالما ظهر في مستوى آخر تماماً على هذه الحلبة.
حقق الفلندي الفوز بهذا السباق عام 2017، كما أنه نطلق من المركز الأول في سباق العام الماضي قبل انسحابه منه. لا شك أن بوتاس وصل إلى مرحلة يحتاج فيها للفوز أكثر من أي شيء آخر لكسر سلسلة انتصارات زميله هاميلتون بعد أربع جولات، والتي وسع من خلالها الفارق إلى 36 نقطة في الترتيب العام لبطولة السائقين.
ومن ثم هناك فريق ريد بُل المضيف، الذي يجد نفسه حالياً عاجزاً عن تقديم أي تقدم ملحوظ هذه السنة. فالحظيرة النمساوية تتعرض لضغط من فرق رينو وماكلارين في الحصة التأهيلية، وهذا ما يسدّ الطريق أمامهم للتقدم على فيراري، في فرصة قد تبدو ذهبية هذا الموسم.
وكان فيرشتابن قد عبّر في وقت سابق عن استيائه من عدم قدرة فريقه على اللحاق بـ فيراري، رغم أن الهولندي كان قادراً على التغلب على السائق الألماني سيباستيان فيتيل في الحصة التأهيلية لجولة بول ريكار (بسبب مشكلة تقنية في سيارة فيتيل).
بالنسبة لمعركة متوسط الترتيب، يبدو أن فريقا رينو وماكلارين في طريقهما لتوسيع الفارق أمام الآخرين، مع تأخر فريق ‘رايسينغ بوينت‘ بفارق 13 نقطة عن رينو.
قد يضطر الفريقان للتركيز على فريق هاس، والذي كان قوياً على هذه الحلبة بشكل خاص، إذ أنهى سائقاه سباق العام الماضي في المركزين الرابع والخامس، رغم أنه يمكننا وضع إشارات استفهام كبيرة وجدية على متسوى الفريق هذه السنة.
ومع الأجواء الجيدة في فريق ألفا روميو، بعد التقدم الملحوظ الذي أظهروه في فرنسا وتحقيق كيمي رايكونن للنقاط الأولى هذا الموسم منذ جولة باكو، قد يستفيد الفريق من هذا الزخم في الجولة النمساوية. ومع ذلك، لا يمكننا استبعاد فريقي رايسينغ بوينت وتورو روسو في هذه الجولة.
ماذا عن السائقين؟
بوتاس يريد بإصرار تحقيق الفوز بهذا السباق، إلا أن حافز هاميلتون وقدرته على دفع نفسه في كل سباق لتحقيق اللقب السادس في مسيرته، يجعلنا نتوقع أن البريطاني لن يتخلى عن الفوز بسهولة.
على صعيد اللفة الواحدة، قد يتمكن بوتاس من التغلب على زميله، لكن العبرة في السرعة في كامل مراحل السباق، وهنا يبرع هاميلتون، لذلك يغرّد الأخير خارج السرب في هذا الموسم.
البعض يرى أن الأمر مسألة وقت حتى نرى سائق فريق فيراري شارل لوكلير يتغلب على زميله فيتيل، وهذا ما ظهر جلياً في جولة فرنسا، وبالتالي يسعى المونيغاسكي للبناء على ما قدمه في بول ريكار، ومواصلة نهج تأقلمه وتحسين نتائجه وكسب ثقة الفريق الإيطالي، وبالتالي يمكننا توقع معركة داخلية بين ثنائي فيراري نهاية الأسبوع هذه.
لا شك، أن فيرشتابن سيبذل كل ما يملك لتحقيق نتيجة إيجابية هذه الجولة، لكن نقطة ضعف فريق ريد بُل تمكن في زميله بيار غاسلي، حيث أن الفرنسي يُعتبر هدفاً لـ رينو وماكلارين هذا الموسم.
وبالتالي، الضغط على غاسلي كبير مع كل سباق متبقي في هذا الموسم، هو أمام منعطف حرج في مسيرته، سيحدد مستقبله مع فريقه.