معركةٌ استراتيجية مذهلة بين مرسيدس وريد بُل انتهت بفوز سائق فريق مرسيدس لويس هاميلتون بسباق جائزة إسبانيا الكبرى، رابع جولات موسم 2021 من بطولة العالم للفورمولا 1، متفوقاً على سائق فريق ريد بُل ماكس فيرشتابن بالمركز الثاني، فيما جاء فالتيري بوتاس ثالثاً لمصلحة مرسيدس
انطلاقة السباق شهدت منافسةً محتدمةً بين لويس هاميلتون وماكس فيرشتابن، مع توجه فيرشتابن إلى المسار الداخلي وصولاً إلى المنعطف الأول، وقام الهولندي بتأخير الكبح بشكلٍ كبير، وليضمن بذلك خطف الصدارة، فيما أُجبر هاميلتون على الخروج عن مسار التسابق المثالي.
هذا الأمر أثر بوتيرة هاميلتون عبر المنعطفات الأولى، كما كان على زميله فالتيري بوتاس خلفه تخفيف سرعته بشكلٍ ملحوظ، ما أتاح فرصةً مثاليةً لسائق فريق فيراري شارل لوكلير لخطف المركز الثالث عبر المسار الخارجي للمنعطف الثالث عند الانطلاق.
تواجد بوتاس خلف لوكلير أثر في استراتيجية مرسيدس، نظراً لتواجد فيرشتابن وهاميلتون في الصدارة، فيما تواجد لوكلير وبوتاس خلفهما بفارقٍ كبير ما حال دون تأثيرهما باستراتيجية ثنائي الصدارة.
ولكن الفارق الذي تمتع به فيرشتابن وهاميلتون في الصدارة تلاشى عندما دخلت سيارة الأمان في اللفة التاسعة، إثر انسحاب سائق فريق ألفا تاوري يوكي تسونودا إثر توقف سيارته عن العمل بشكلٍ مفاجئ.
بعد مواصلة السباق في اللفة 11، بقي الفارق مستقراً بين فيرشتابن وهاميلتون متراوحاً بين 0.9 ث و1.2 ث، إلا أن وتيرة فيرشتابن تدهورت بعض الشيء إثر تآكل إطاراته بشكلٍ كبير.
كان من الواضح أنه، وفي ظل صعوبة التجاوزات في حلبة برشلونة، ستلعب الاستراتيجيات الدور الأساسي في تحديد نتيجة السباق.
فيرشتابن وهاميلتون كانا بانتظار إجراء المزيد من السائقين في متوسط الترتيب لتوقفاتهم، لضمان عدم تأخرهم خلف أية سياراتٍ، ومع توجه كارلوس ساينز وإستيبان أوكون لإجراء توقفاتهم لمصلحة فيراري وألبين على التوالي.
هذا الأمر أتاح لـ فيرشتابن فرصةً للتوجه إلى منطقة الصيانة مع نهاية اللفة 24 لإجراء توقفه، الذي كان بطيئاً، ما منح فريق مرسيدس افضليةً ونافذةً محدودة لاستدعاء هاميلتون في اللفة التالية مباشرةً لإجراء توقفه والاحتفاظ بالمركز الأول.
إلا أن فريق مرسيدس اختار تأخير توقف هاميلتون بضعة لفاتٍ، وليراهن على تمتع هاميلتون بأفضلية الإطارات، وليس أفضلية المركز في الحلبة، مع سعي هاميلتون لتجاوز فيرشتابن في الحلبة، حيث توجه هاميلتون لإجراء توقفه نهاية اللفة 27، وواصل سباقه على بعد 6 ثواني خلف فيرشتابن.
ولكن وتيرة هاميلتون في اللفات التي تلت توقف الصيانة الخاص به كانت أعلى بكثير من فيرشتابن، وكان بإمكانه خطف أكثر من ثانية من الهولندي لفةً تلو الأخرى.
هاميلتون كسر حاجز نظام التقليل من قوة السحب في اللفة 35، وكان على بعد أقل من ثانية واحدة خلف فيرشتابن، ليبدأ بالضغط عليه سعياً لتجاوزه وخطف الصدارة والفوز بالسباق.
إلا أن فيرشتابن تمكن من رفع وتيرته، في ما كان واضحاً بأن لفاته الأولى بعد توقف الصيانة شهدت محافظته على إطاراته، ولكنه لم يتمكن من توسيع الفارق إلى هاميلتون.
فريق مرسيدس اتبع استراتيجيةً مختلفةً، على الفور، مع السعي لتكرار سيناريو جائزة المجر الكبرى 2019، عندما أجرى هاميلتون توقف صيانة متأخر ليتمتع بأفضلية الإطارات وليتجاوز فيرشتابن في حلبةٍ تصعب فيها التجاوزات.
حيث كان هاميلتون على بعد 0.6 ث فقط خلف فيرشتابن، عندما توجه إلى منطقة الصيانة نهاية اللفة 42 ليحصل على مجموعة من الإطارات متوسطة القساوة، وليواصل سباقه على بعد أكثر من 20 ث خلف فيرشتابن، وليبدأ بعدها هاميلتون مهمة تقليص الفارق إلى فيرشتابن على أمل تجاوزه في اللفات الأخيرة من السباق.
وتيرة هاميلتون كانت مذهلةً بالفعل في المرحلة الأخيرة من السباق، مع تقليصه للفارق إلى أقل من ثانية واحدة في اللفة 59 من أصل لفات السباق الـ 66، وليتمكن من تجاوزه في اللفة التالية، وليخطف بذلك الصدارة مستغلاً استراتيجيةً ذكيةً من فريق مرسيدس ضمنت له الفوز بسباقه الثالث في موسم 2021، معززاً بذلك صدارته في ترتيب بطولة العالم للسائقين.
فيرشتابن توجه إلى منطقة الصيانة بعد خسارته للصدارة، وحصل على مجموعة من الإطارات اللينة ليضمن الحصول على نقطة إضافية من تسجيله لأسرع توقيتٍ في السباق، وهو ما تمكن من القيام به، فيما أكمل بوتاس مراكز منصة التتويج بالمركز الثالث.
خلف ثلاثي الصدارة، أكمل سائق فريق فيراري شارل لوكلير سباقاً قوياً جداً، وتقدم إلى المركز الثالث متجاوزاً بوتاس عند الانطلاق ولكنه خسر مركزه أثناء توقفات الصيانة، إلا أنه أكمل سباقاً خالياً من المشاكل في طريقه لاجتياز خط النهاية بالمركز الرابع، معززاً من الانطباع بأن فريق فيراري لديه ثالث أفضل سيارة في الوقت الحالي، ومتفوقاً على زميل فيرشتابن سيرجيو بيريز.
أما بالنسبة لزميل لوكلير في فريق فيراري، فإن سباق كارلوس ساينز في بلاده كان جيداًن مع اجتياز خط النهاية بالمركز السابع، وفصل بين ثنائي فريق ماكلارين دانيال ريكاردو ولاندو نوريس بالمركزين السابع والثامن تباعاً.
المركز التاسع كان من نصيب إستيبان أوكون، ولكن زميله في فريق ألبين فرناندو ألونسو عانى في اللفات الأخيرة من السباق، وتراجع من المركز العاشر، أجرى توقف صيانة متأخر، واجتاز خط النهاية بالمركز 17 فيما خطف بيار غاسلي آخر نقطةٍ لمصلحة ألفا تاوري بالمركز العاشر.
جولة أخرى، وسباق آخر لفريق أستون مارتن بدون نقاط، حيث أنهى لانس سترول السباق بالمركز 11، وزميله سيباستيان فيتيل بالمركز 13، وفصل بينهما سائق فريق ألفا روميو كيمي رايكونن.
تواجد جورج راسل على أعتاب النقاط في اللفات الأخيرة من السباق، بالمركز الحادي عشر، ولكن إجراء توقف صيانة مبكر واستخدامه لمجموعةٍ وحيدة من الإطارات لـ 37 لفة أدى إلى تراجع وتيرته كثيراً في اللفات الأخيرة، واجتاز خط النهاية بالمركز 14، وجاء زميله نيكولاس لاتيفي بالمركز 16، وفصل بينهما زميل رايكونن، أنطونيو جيوفينازي، فيما تواجد ميك شوماخر ونيكيتا مازيبين بالمركزين الأخيرين لمصلحة فريق هاس، علماً أن مازيبين اجتاز خط النهاية خلف شوماخر بـ 49 ثانية.