انتهى سباق جائزة بريطانيا الكبرى، عاشر جولات موسم 2022 من بطولة العالم للفورمولا 1، وانتهى معه فصلٌ من فصول دراما هذه البطولة الساحرة التي شهدت تحقيق سائقٍ جديدٍ لفوزه الأول في ساحاتها، حيث اجتاز كارلوس ساينز خط النهاية في حلبة سيلفرستون، حيث فاز بسباقٍ درامي شهد أحداثًا مشوقة من بدايته، وحتى رفع علم المربعات معلنًا نهايته.
قبل انطلاق السباق لفت سائق فريق ريد بُل ماكس فيرشتابن الأنظار، عندما تأكد استخدامه للإطارات اللينة عند الانطلاق، مقابل استخدام منافسيه للإطارات متوسطة القساوة.
هذا الأمر أدى إلى خطف فيرشتابن للصدارة وصولًا إلى المنعطف الأول، ولكن ما كانت سوى لحظات قبل رفع الأعلام الحمراء لإيقاف السباق.
حيث شهد المنعطف الأول حادثًا ضخمًا بين عدة سياراتٍ، كان أكبر المتضررين منهما سائق فريق ألفا روميو، غوانيو جو، الذي تخطت سيارته حاجز الإطارات واصطدمت بالحواجز المعدنية رأسًا على عقب، ولم يتمكن من الخروج من السيارة قبل وصول الطواقم الطبية المختصة، إضافةً إلى أليكساندر ألبون الذي استدعت إصابته زيارته للمستشفى، لكن السائقان كانا على ما يرامٍ في نهاية المطاف.
إلا أن عدم إكمال أية لفة تسابق قبل رفع الأعلام الحمراء، أدى إلى استعادة ساينز لمركز الانطلاق الأول عند الاستعداد لمواصلة السباق، وهذه المرة استخدم هو وفيرشتابن الإطارات متوسطة القساوة، واحتفظ بصدارته أمام فيرشتابن، فيما كانت المنافسة محتدمة بين زملائهما شارل لوكلير وسيرجيو بيريز، حيث أدى الاحتكاك بينهما في تلك اللفة الأولى، والاحتكاك بين سيارة لوكلير وفيرشتابن، إلى تضرر الأجنحة الأمامية على متن سيارتي لوكلير وبيريز.
وفي حين أن بيريز اختار العودة إلى منطقة الصيانة لإجراء توقف اضطراري لتبديل جناحه الأمامي، اختار لوكلير مواصلة سباقه مع سيارةٍ متضررة، ولكن وتيرته كانت جيدةً رغم ذلك.
بعد بضعة لفاتٍ كان بإمكان فيرشتابن تقليص الفارق إلى ساينز وتجاوزه إثر ارتكاب الأخير لخطأ، ولكن صدارة فيرشتابن اختفت عندما تفاجأ بتعرض أحد إطاراته لثقبٍ ليعود إلى منطقة الصيانة ليبدل إطاراته في وقتٍ مبكر، وليترافق ذلك مع تضرر القسم الخلفي من سيارته.
نتيجةً لذلك، تأثرت سرعة فيرشتابن طوال مجريات السباق، وعانى بطل العالم حتى النهاية، مع سيارة متضررة لم تسمح له بالمنافسة، واجتاز خط النهاية بالمركز السابع فقط، ولكنه يستمر بتصدر ترتيب بطولة العالم للسائقين.
بالعودة إلى معركة الصدارة، احتدمت المنافسة بين ثنائي فيراري، ساينز ولوكلير، حيث كان من الواضح أن لدى لوكلير سرعة أفضل من زميله الإسباني، المتعطش لتحقيق فوزه الأول في الفورمولا 1، رغم تضرر سيارته، ما حال دون لجوء فيراري لأوامر الفريق، وهذا الأمر سمح بدوره لسائق فريق مرسيدس لويس هاميلتون بالاقتراب من ثنائي الصدارة.
كان ساينز أول سائقي الصدارة لإجراء توقف صيانة، وانتقل إلى استخدام الإطارات القاسية، وليتبعه لوكلير بعد 5 لفاتٍ، حيث كان بإمكان لوكلير التقدم إلى المركز الأول بعد التوقفات، فيما اختار هاميلتون تأخير توقفه مع قدرته المحافظة على إطاراته.
إلا أن هاميلتون أكمل توقف صيانة بطيء نسبيًا، وعاد إلى الحلبة خلف لوكلير وساينز بالمركز الثالث، بعد لجوء فيراري لأوامر الفريق للسماح لـ لوكلير بتجاوز ساينز، وليبدأ هاميلتون بعدها بمطاردة ثنائي فيراري.
كانت سرعة هاميلتون أفضل من ساينز، إلا أن لوكلير تمكن من الرد على تواقيت هاميلتون، ليتحكم بصدارة السباق لحين انسحاب سائق فريق ألبين إستيبان أوكون قبل 15 لفة على نهاية السباق، حيث توقفت سيارته عن العمل عند خط الصيانة القديم، ما استدعى دخول سيارة الأمان.
فور دخول سيارة الأمان، كان لدى فيراري قرار حاسم، المخاطرة بخسارة لوكلير لصدارة السباق مقابل تزويده بمجموعةٍ جديدة من الإطارات، أم تركه في الصدارة.
اختار الفريق الإيطالي القرار الثاني، وترافق ذلك مع استدعاء ساينز إلى منطقة الصيانة، وخلفه هاميلتون أيضًا، إضافةً إلى بيريز الذي استغل سيارة الأمان لإجراء توقف إضافي، مع استخدام هؤلاء السائقين للإطارات اللينة.
بذلك، وجد لوكلير نفسه في صدارة السباق، مع إطارات قاسية قديمة، وخلفه منافسيه مع إطاراتٍ لينة جديدة.
كان أمل المونيغاسكي أن يلجأ فيراري لأوامر الفريق مجددًا، مع الطلب من ساينز توسيع الفارق عن لوكلير، وتأخير بقية السائقين ليضمن فوز لوكلير.
إلا أن ساينز رفض ذلك، رغم أوامر فيراري، وأكد لهم أنه سيقوم بتجاوز لوكلير، حيث انقض ساينز على زميله فور عودة سيارة الأمان إلى منطقة الصيانة، ليحلّق في الصدارة وليحقق فوزه الأول في الفورمولا 1.
أما بالنسبة لـ لوكلير، كانت هناك منافسة درامية رائعة بينه وبين هاميلتون وبيريز، مع تبادل هذا الثلاثي للمراكز لفةً تلو الأخرى، وبعد تقدم بيريز إلى المركز الثاني اقتصرت المنافسة على هاميلتون ولوكلير، في معركةٍ مذهلة تخللها توجه الثنائي جنبًا إلى جنب إلى منعطف كوبس السريع.
لكن التفوق كان لمصلحة هاميلتون في نهاية المطاف، الذي تجاوز لوكلير وصعد إلى منصة التتويج في سباق بلاده أمام جماهيره، وخلف بيريز، فيما اكتفى لوكلير بالمركز الرابع أمام سائق فريق ألبين فرناندو ألونسو، وسائق فريق ماكلارين لاندو نوريس، فيما اجتاز فيرشتابن خط النهاية سابعًا رغم الضغط الكبير الذي تعرض له في اللفات الأخيرة من سائق فريق هاس ميك شوماخر، الذي حقق المركز الثامن وسجل نقاطه الأولى في الفورمولا 1، وجاء زميله كيفن ماغنوسن بالمركز العاشر، وفصل بين ثنائي هاس سائق فريق أستون مارتن سيباستيان فيتيل.
وبذلك، انتهى سباق بريطانيا، وانتهى فصلٌ آخر من هذا الموسم الممتع، مع توجه الفورمولا 1 بعد بضعة أيامٍ إلى حلبة ريد بُل رينغ التي تستضيف جائزة النمسا الكبرى.