من الطبيعي أن يتجه أي فريقٍ فاز بألقاب بطولة العالم للفورمولا 1 إلى أي موسمٍ وهو المرشح الأبرز للدفاع عن لقبه، خصوصاً في ظل استقرار القوانين التقنية. لكن، ماذا عن فريقٍ فرض سيطرته المطلقة لسبعة أعوامٍ متتالية؟ فريق مرسيدس ربما يواجه مهمةً غير صعبة للدفاع عن ألقابه، لكنه يواجه تحدياتٍ من نوعٍ آخر في موسم 2021 من الفئة الملكة لرياضة المحركات…
رأي: معارك رائعة بانتظار الفورمولا 1 في 2021
من مختلف وجهات النظر، وبغض النظر عن الفرق التي يشجعها كافة عشاق الفورمولا 1، لا بد من تقدير الجهود الرائعة التي يبذلها فريق مرسيدس في البطولة، والإعجاب بمستوى الاحترافية.
الفوز بسبعة ألقابٍ عالمية متتالية، والتمتع بسيطرةٍ مطلقةٍ في الفورمولا 1 منذ بدء الحقبة الهجينة، يعتبر إنجازاً غير سهلٍ على الإطلاق، ولكن لمعرفة أسباب حصول ذلك، لا يمكننا سوى النظر إلى الإدارة الناجحة لفريق مرسيدس.
إذ أن فريق مرسيدس، تحت إدارة توتو وولف، لا يتوقف عن بذل الجهود سعياً للنجاح، ويعتبر أن الإنجازات التي حققها في الماضي لا تفرض أنه سينجح في المستقبل.
لذلك، فإن فريق مرسيدس يتعامل مع كل موسمٍ وكأنه يسعى للفوز بألقابه الأولى، ليس ذلك فقط، بل إنه يتعامل مع كل سباقٍ وكأنه يسعى للفوز بأولى سباقاته في الفورمولا 1.
هذا النوع من التعطش سمح لفريق مرسيدس الوصول إلى مستوى للمنافسة على الفوز بالسباقات والألقاب، والاستمرار على هذا المستوى مع عدم التهاون على الإطلاق.
حسناً، مع النظر إلى موسم 2021، يشهد هذا الموسم استخدام الفرق لنفس تصاميم هياكل سيارات العام الماضي، وبالتالي لا يواجه فريق مرسيدس تحدياً صعباً في هذا المجال، كل ما عليه المحافظة على وتيرة تطويرية عالية لسيارته ليضمن بدء موسم 2021 بقوة سعياً للفوز بالألقاب للموسم الثامن على التوالي.
Sorry. Just couldn’t wait. 😘 See the W12 revealed LIVE on Tuesday! pic.twitter.com/XrgQTt9jWX
— Mercedes-AMG PETRONAS F1 Team (@MercedesAMGF1) February 27, 2021
لكن، بالنسبة لفريق مرسيدس، التعامل مع هذا الموسم وأسلوب ونهج العمل سيكون أساسياً ومفصلياً لمستقبل الصانع الألماني بأكمله.
لم يكن سراً أن فريق مرسيدس لم يتمتع بوتيرةٍ تطويريةٍ عاليةٍ في موسم 2020، خصوصاً في القسم الثاني من الموسم، مع ندرة أو عدم وجود أية قطع جديدة لسيارة ‘دبليو 11’، والتي كانت تتمتع بأفضليةٍ مريحةٍ على كافة المنافسين، وكان من الواضح، بالنسبة للجميع، أن الفريق سيفوز بلقب بطولة العالم للصانعين، فيما سيتمكن لويس هاميلتون من معادلة رقم الأسطورة مايكل شوماخر والفوز ببطولته السابعة.
كما ذُكر سابقاً، فريق مرسيدس ليس من تلك الفرق التي قد تتهاون على صعيد تطوير السيارة. ما الذي حصل إذاً؟
قد يكون ما حصل مجرد تخطيط طويل الأمد لـ مرسيدس، لضمان استمرار سيطرة الأسهم الفضية (أو السوداء في موسم 2020 مع الألوان الجديدة للسيارة) ليس فقط في 2021، وإنما مع بدء الحقبة الجديدة للفورمولا 1 واعتماد تغييرات جذرية وشاملة في القوانين التقنية السنة المقبلة.
إذ أن فريق مرسيدس بدأ بتركيز كافة موارده لتطوير وتصميم سيارة موسم 2021، إذ أن هدف مرسيدس في هذا الموسم الجديد سيكون بسيطاً: الضرب بقوة في الجولات الأولى من الموسم، وإنشاء أفضلية مريحة في ترتيب بطولتَي العالم للسائقين والصانعين.
فوز مرسيدس بالسباقات الأولى من الموسم، وتوسيع الفارق إلى كافة المنافسين، سيسمح للفريق بعدم التركيز على سيارة موسم 2021 خلال الموسم، وعدم التركيز في تطويرها، وإنما الانتقال مع كافة الموارد لتصميم وتطوير سيارة قوية واستغلال أية ثغرات قد تكون متاحة في القوانين الجديدة لموسم 2022.
إذ أن البداية القوية لفريق مرسيدس في الجولات الأولى لموسم 2021 ستعني، ببساطة، زيادة حظوظهم لبدء الحقبة الجديدة بقوة أيضاً، والتواجد ضمن معركة الصدارة، ومن يعلم، ربما الاستمرار بالفوز بالألقاب، أو على الأقل المنافسة بشراسة على الفوز بها.
التغييرات في القوانين التقنية لموسم 2022 هي، بدون مبالغة، من الأضخم في تاريخ الفورمولا 1. متى حصل نوع آخر من هذه التغييرات من قبل؟ في موسم 2009.
بإمكاننا تذكر ما حصل في الموسم السابق، في 2008 كانت المعركة على الألقاب محتدمة بين فيراري وماكلارين حتى الجولة الأخيرة من الموسم، وفي ظل التقارب الكبير في مستويات الأداء طوال الموسم، أُجبر الفريقان على المحافظة على وتيرةٍ تطويريةٍ عاليةٍ في معركةٍ على لقب السائقين لم تُحسم سوى في المنعطف ما قبل الأخير، في اللفة الأخيرة، من السباق الختامي لذلك الموسم!
بعد ذلك، في 2009، شهدنا تراجع أداء فريق ماكلارين، وتراجع أداء فيراري أيضاً. فريقان لم يتمكنا، منذ ذلك الحين، من شن منافسة جدية وبقوة على اللقب ويدفعان ثمن ذلك الموسم المثير.
هذا ما يريد فريق مرسيدس تفاديه، يريد الابتعاد عن أية معركة أو تقارب في مستويات الأداء، ضد فريق ريد بُل أو أي منافسٍ آخر، في الجولات الأولى من موسم 2021.
يتجه فريق مرسيدس إلى موسم 2021 ومعه أحد أفضل السائقين في تاريخ البطولة، وهو سائق يحمل العديد من الأرقام القياسية التي بدت بعيدة المنال منذ زمنٍ ليس ببعيد.
من المؤكد أن لويس هاميلتون متعطش لمزيدٍ من الانتصارات، والإنجازات، ولا بد أن فريق مرسيدس سيبذل أقصى ما لديه لفرض كلمته بقوة في الجولات الأولى من موسم 2021، والابتعاد عن متناول المنافسين، ومن ثم المحافظة على نهجه المذهل في العمل وبذل الجهود الضخمة سعياً لمواصلة نجاحاته في حقبةٍ جديدةٍ للفورمولا 1 في 2022.
هل تنجح مهمة الصانع الألماني؟ الوقت كفيلٌ بالإجابة بالتأكيد، وسنرى ما سيحصل خلال الجولات الافتتاحية لموسم 2021…