شهد مطلع تموز/ يوليو الحالي إعلاناً عن بطولةٍ لفتت أنظار العديد. بطولةٌ بمفهومٍ جديد، بمفهومٍ عصري، وتعد بأن تلعب دوراً مفصلياً في مفهوم الارتباط بين عالم السباقات والتنقل لمسافاتٍ قصيرة.
نتحدث، بالتأكيد، عن بطولة “إي-سكوتر” للدراجات الكهربائية (eSkootr™ Championship). هذه البطولة التي تتميز باستخدام المتسابقين فيها لدراجاتٍ كهربائية بمستويات أداء مذهلة، وبسرعاتٍ تفوق الـ 100 كلم/ الساعة، كما أن بإمكانها التسارع بوتيرةٍ أعلى من السيارات التجارية.
لا بد، في البداية، من فصل مفهوم دراجة السكوتر المُستخدمة في الحياة اليومية، عن تلك التي ستُستخدم في بطولة إي-سكوتر، إذ أن تلك الأخيرة يمكن استخدامها فقط من قِبل دراجين محترفين.
ولكن لمَ الاعتماد على الدراجات الكهربائية؟ هناك العديد من البطولات التي تعتمد على الدراجات، أو على السيارات الرياضية، أو سباقات المقعد الأحادي. ما الذي يميّز الدراجات الكهربائية؟ ولمَ اختيار هذا الوقت لبدء هذه البطولة؟
في هذه الحقبة الحالية، ازدادت أهمية التنقل لمسافاتٍ قصيرة بشكلٍ كبير جداً، وهناك بالفعل نقلة نوعية في هذا المجال بالترافق مع زيادة المساعي لحماية البيئة، إضافةً إلى تغيّر وجهات النظر بخصوص وسائل النقل العامة بشكلٍ ملحوظ في ظل انتشار وباء فيروس كورونا مؤخراً.
كما أن التركيز، في مختلف فئات السباقات، يتمحور حول الربط بين تلك الفئات والآليات المستخدمة في الحياة اليومية، وأبرز مثالٍ على ذلك بطولة العالم للفورمولا 1 التي تشهد يوماً تلو الآخر محاولاتٍ لربط التقنيات المستخدمة في السيارات، مع تلك المُستخدمة في السيارات التجارية المتاحة للجميع، خصوصاً ما يتعلق بأنظمة استعادة الطاقة والمحركات الهجينة.
لكن الاختلاف الأبرز، بالنسبة لبطولة ‘إي سكوتر’ للدراجات الكهربائية، هي أنها ستكون الأكثر ارتباطاً بتقنيات النقل لمسافاتٍ قصيرة، والأكثر ارتباطاً بالحياة اليومية، إذ أن لديها أهميةً كبيرةً تترافق مع أهمية الدراجات الكهربائية في التنقل في هذه الفترة. وبالتالي، فإن هذه البطولة ليست مجرد فئة سباقات فقط، وإنما لديها ارتباط وثيق بالحياة اليومية والتطبيقات العملية.
في مختلف فئات السباقات ورياضة المحركات، لطالما كان التركيز الأكبر هو ارتفاع التكاليف بشكلٍ كبير جداً، وهذا الأمر أدى إلى الحد من وصول المواهب والمنافسة في تلك الفئات. إلا أن بطولة “إي سكوتر” تتميز في هذا المجال.
نظراً للتجهيزات البسيطة لبطولة “إي سكوتر”، وسهولة نقل تلك الدراجات فائقة الأداء في مختلف أنحاء العالم، فإن التخطيط للسباقات يعتبر فعّالاً بشكلٍ كبير، إذ أنها لا تعتمد على شحن معداتٍ ضخمة.
بالتالي، يمكن إقامة بطولة عالم مثيرة، وسباقات وفعاليّات مميزة، مع شحن المعدات في حاويتَين فقط.
إضافةً إلى ذلك، فإن الحلبات وأحداث هذه البطولة ستُقام في قلب المدن العالمية. وفي حين أن التخطيط لمثل هذه الأحداث، في بطولاتٍ أخرى، قد يكون بحاجةٍ لبضعة أشهر، إلا أن الهدف من جعل بطولة “إي سكوتر” فعالة يقضي بإمكانية تجهيز الحلبة خلال بضعة أسابيعٍ، أو حتى خلال بضعة أيامٍ فقط، ما يعني وجود مرونة كبيرة.
كل ذلك ينعكس إيجابياً على التكاليف من جهة، حيث الغاية كانت واضحة منذ الإعلان عن هذه البطولة: هذه فئة سباقات متاحة للجميع، وبتكاليف منخفضة جداً، وستكون الفئة مثيرة للدراجين الذين يفتقرون للميزانية اللازمة لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم.
ومن جهةٍ أخرى، فإن هذه الفعالية والمرونة في الشحن والتخطيط والتنظيم تعني أن البطولة ستكون صديقةً للبيئة، إذ أن الغاية هي انعدام انبعاث غازات الكربون بالمحصلة.
حسناً، كل ذلك يبدو مثيراً بالفعل. لكن ماذا عن معايير الأمان؟ بالتأكيد، لا يمكن التهاون في هذا المجال عندما نتحدث عن دراجات كهربائية خفيفة الوزن تصل إلى سرعاتٍ عاليةٍ بهذا الشكل.
إلا أن بطولة “إي-سكوتر” تستعين بالشخص المثالي للتطرق إلى معايير الأمان: أليكساندر فورز، الذي يشغل منصب سفير السلامة العامة في هذه البطولة.
فورز هو سائق سابق في بطولة الفورمولا 1، ولكن لديه مساهمة حقيقية حتى الآن في الفورمولا 1 من خلال دوره في رابطة سائقي الجوائز الكبرى، ويعتبر من أكثر أعضاء تلك الرابطة فعاليةً على صعيد الجهود المبذولة لتحسين أمان السائقين وزيادة مستويات السلامة في البطولة باستمرار.
تم وضع العديد من المعايير لمراقبة مستويات الأمان، حيث سيتم دراسة وتطوير الدراجات الكهربائية في مجالات التسارع، السرعات القصوى، السرعات على المنعطفات، وزاوية الميلان.
كما أن فورز يشرف على الاستعانة بأفضل الخبراء للأبحاث والتطوير وضمان وجود أفضل التقنيات البرمجية، وأفضل التجهيزات المتاحة، لإقامة سباقات مثيرة وآمنة.
حيث أكدت بطولة “إي-سكوتر” أن الأمان ليس مجرد ميزةٍ إضافية، وإنما هو العامل الأساسي لنجاحها، وستُبذل جهود هائلة لتطوير هذا المجال، لضمان زيادة التوعية بأهمية السلامة الطرقية.
إضافةً إلى ذلك، فإن فورز سيساهم، من خلال خبرته الكبيرة وشركته، في عملية تصميم وتجهيز الحلبات، مع إشرافه على تصميم العديد من أفضل الحلبات في الوقت الحالي والتي ترتقي لأعلى المعايير على الإطلاق.
قد ننتظر بعض الوقت لمتابعة أولى سباقات “إي-سكوتر” للدراجات الكهربائية، مع المخططات بإقامة الحدث الأول السنة المقبلة، إلا أن هذه البطولة تمثل نقلةً نوعيةً، وتعد بتقديم الكثير مع تغيير مفهوم التسابق بشكلٍ كاملٍ!