حقق المونيغاسكي شارل لوكلير فوزاً تاريخياً بسباق جائزة إيطاليا الكبرى، الجولة 14 لموسم 2019 من بطولة العالم للفورمولا 1، ولكن هذا التألق يأتي بالترافق مع ازدياد الضغط الهائل الذي يشعر به زميله في فريق فيراري سيباستيان فيتيل.
تقرير السباق: لوكلير يمنح فيراري فوزاً مذهلاً في إيطاليا!
قبل 12 شهراً، عندما أعلن فريق فيراري عن ضم شارل لوكلير إلى صفوفه لمزاملة سيباستيان فيتيل كسائقَين أساسيين لموسم 2019، كانت هناك بعض الشكوك بأن لوكلير ربما لم يكن مستعداً للانتقال إلى أحد فرق الصدارة ومزاملة بطل عالم رباعي يفوقه خبرةً.
استمرت هذه الشكوك، حتى ضمن صفوف فريق فيراري، مع تأكيد الفريق بأنه سيتعامل مع لوكلير على أنه السائق المساند لـ فيتيل، الذي يبقى السائق الأول والأساسي، مع سعي فيراري للفوز بألقابٍ طال انتظارها في الموسم الحالي.
وخلال السباقات الأولى من الموسم، ورغم السرعة التي أظهرها لوكلير، إلا أن فريق فيراري اختار تفضيل فيتيل عليه في العديد من المناسبات، مع تأكيدهم بأن الأولوية تبقى للألماني، فيما على لوكلير اكتساب المزيد من الخبرة في موسمه الثاني فقط في الفورمولا 1 قبل أن يتمكن من المنافسة في الصدارة باستمرار.
كل ذلك لم يكن كافياً بالنسبة لـ لوكلير، الذي أعلن منذ المراحل المبكرة من الموسم أن هدفه هو أن يصبح السائق الأساسي في فريق فيراري. تغيير ذلك يعتبر صعباً للغاية، إذ أن فيتيل يشارك في موسمه الرابع مع الفريق، وهو أشبه بـ ‘قائد’ فيراري ولديه معرفة بالجميع.
ولكن لوكلير لم يستسلم، ورغم خيبة أمل البحرين، وارتكابه لبعض الأخطاء في باكو، موناكو، وألمانيا، إلا أن لوكلير عاد إلى القسم الثاني من الموسم سائقاً جديداً قوياً جداً. جاء فوزه الأول في بلجيكا، في جولةٍ عاطفية شهدت وفاة صديقه إثر حادثٍ أليم قبل يومٍ من السباق، وقاوم لوكلير ضغط فريق مرسيدس طوال مجريات سباق بلجيكا.
ومن ثم، في جائزة إيطاليا الكبرى، منح لوكلير جماهير فيراري فوزاً طال انتظاره في أرض الحصان الجامح، وهو الفوز الأول في إيطاليا منذ 2010، مع سيطرته المطلقة على مجريات هذه الجائزة الكبرى منذ التجارب وحتى اجتياز خط النهاية.
ثقة لوكلير أصبحت مرتفعةً جداً، هو يدرك أن لديه القدرة للمنافسة في الصدارة، وأن لديه القدرة على تحمل الضغط والمحافظة على هدوئه وتركيزه أثناء السباقات، والأهم من ذلك، هو يدرك أن بإمكانه التفوق على زميله فيتيل الذي يفوقه خبرةً.
اقرأ أيضاً: روزبرغ يثق أن لوكلير هو السائق الأساسي في فيراري
ولكن في حين أن لوكلير يشعر بكل ذلك، فإن فيتيل يشعر بالجوانب ذاتها هو الآخر. من المؤكد أن فيتيل يشعر بضغطٍ كبير مما يحصل ضمن صفوف فريق فيراري، وتغير موازين القوى واتجاهها لمصلحة لوكلير الذي يظهر تفوقاً ملحوظاً في الوقت الحالي.
العديد يصف جائزة إيطاليا الكبرى من عام 2018 على أنها إحدى نقاط التحول في مسيرة فيتيل، مع تدهور تأديته بعض الشيء منذ ذلك الحين عندما ارتكب خطأً عند انطلاق السباق أثناء احتكاكه بسيارة لويس هاميلتون وتراجع إلى مؤخرة الترتيب.
ولكن في موسم 2019، كان فيتيل محبطاً منذ انتهاء الحصة التأهيلية، وأشار إلى إحباطه من قِبل فريق فيراري وتفضيل الفريق لـ لوكلير في الحصة التأهيلية مع ضمان تسجيل المونيغاسكي لتوقيتٍ تنافسي في المراحل الأولى من القسم الثالث من الحصة التأهيلية، فيما اكتفى فيتيل بالمركز الرابع.
انطلاقة فيتيل كانت سيئةً في سباق حلبة مونزا، وخسر مركزاً لمصلحة سائق رينو نيكو هولكنبرغ لكنه تمكن من استعادته وبدأ بتقليص الفارق إلى ثلاثي الصدارة.
اقرأ أيضاً: فيتيل غير سعيد بعد سباق مخيب للآمال في إيطاليا
كانت وتيرة فيتيل عاليةً في اللفات الأولى من السباق. وظهر وكأنه سيتمكن من تجاوز أحد سائقَي مرسيدس على الأقل، ولكن بكل بساطة، ودون احتكاكه بأية سيارة، فقد فيتيل السيطرة على سيارته عند منعطف أسكاري وخرج عن حدود المسار، ليعود بأسلوبٍ غير آمنٍ ويصطدم بسيارة رايسنغ بوينت الخاصة بـ لانس سترول.
فقدان السيطرة بهذا الأسلوب، عند منعطفٍ يعتبر اجتيازه سهلاً بالنسبة لسائقي الفورمولا 1 بعد الكبح بشكلٍ صحيح، وهو أمرٌ قام به فيتيل، يشير إلى أنه كان يضغط بأقصى ما لديه طوال الوقت، وربما تجاوز الحدود، وذلك مع إحباطه وسعيه لضمان عدم ابتعاد ثلاثي الصدارة عنه.
هذا الأمر أبعد فيتيل عن دائرة المنافسة كلياً، ليجتاز خط النهاية بالمركز 13، وحيداً، بعيداً عن صخب وجنون المشجعين في حلبة مونزا الذين كانوا يشجعون لوكلير مع تحقيقه لإنجازٍ كان فيتيل يسعى للتحقيقه منذ انضمامه إلى فيراري في 2015.
لا أحد ينكر موهبة فيتيل. لا يمكن لأي سائقٍ الفوز بلقبٍ عالمي بمحض الصدفة ودون موهبة، وبالتأكيد فإن فيتيل نال ألقابه العالمية الأربعة عن جداره ليحفر اسمه من ذهب في تاريخ الفورمولا 1. ولكن بعد ذلك، بعد غياب تلك التوليفة السحرية، لم يتمكن فيتيل من المحافظة على وتيرة عالية للمنافسة على الألقاب مجدداً.
في حال قمنا بمراقبة مسيرة فيتيل منذ انضمامه إلى فيراري حتى الآن، وعدم أخذ أعوام فوزه باللقب مع ريد بُل بالحسبان، فإن تأديته لا تعتبر مبهرةً إطلاقاً. هناك بضعة انتصارات مميزة، هناك نتائج قوية، ولكن لا يوجد أية نتائج مبهرة، والأهم من ذلك، لم يتمكن فيتيل من المحافظة على وتيرةٍ عاليةٍ خلال موسمٍ كاملٍ للمنافسة على اللقب.
حسناً، لم تكن سيارة فيتيل هي الأفضل في العديد من تلك الأعوام. لكن على الأقل، فإن العام الماضي كان فرصةً ذهبيةً لـ فيتيل للفوز بلقبه العالمي الخامس، والأول له مع فيراري، لكنه فشل في تحقيق ذلك مع إنهائه للموسم مع سلسلةٍ من النتائج المخيبة للآمال.
في نهاية المطاف، فإن خطأ فيتيل في إيطاليا ترك لوكلير عرضةً للهجوم من ثنائي مرسيدس، مع اتباع الأسهم الفضية لاستراتيجيات مختلفة مع لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس في محاولةٍ لـ ‘كسر’ فريق فيراري والتفوق على لوكلير ولكن دون جدوى.
وفي حين كانت هناك تصريحات، منطقية ومحقّة، بأن فوز لوكلير في بلجيكا جاء نتيجةً لمساعدة فيتيل وإفساحه المجال لزميله ومن ثم تأخيره لـ هاميلتون، فإن لوكلير أثبت جدارته دون أي منازعٍ مع فوزٍ تاريخي في مونزا.
اقرأ ايضاً: فوز لوكلير في مونزا كان ليكون أسهل بمساندة فيتيل
من المؤكد أن فيتيل يشعر بضغطٍ كبير، ومع مرور كل جولة دون فوزه بسباق فإنه يشعر بضغطٍ أكبر، خصوصاً وسط تألق زميله لوكلير في الوقت الحالي. كل ما يحتاجه فيتيل هو نتيجة واحدة قوية، الفوز بسباقٍ وحيد، وسيخرج من تلك الحالة النفسية التي يتواجد فيها في الوقت الحالي والتي تؤثر بشكلٍ كبير في مستوى تأديته.
إن لم يحصل ذلك، هناك خيارات عديدة يمكن لـ فيتيل التفكير فيها. من المؤكد أن هناك شروط لفسخ عقده مع فيراري. وربما، إن لم يتمكن فيتيل من مجاراة لوكلير، يختار الألماني الرحيل عن فيراري مع نهاية الموسم الحالي حتى وإن كان ذلك يعني ابتعاده عن شبكة الانطلاق السنة المقبلة سعياً لحصوله على فرصةٍ مع فريق منافس في 2021.