منذ بداية الموسم الحالي من بطولة العالم للفورمولا 1 فرض فريق مرسيدس سيطرته المطلقة. وفي حين أن سيارة ‘دبليو 10’ تبقى الأفضل على شبكة الانطلاق، إلا أن سباق جائزة سنغافورة الكبرى كشف عن نقطة ضعفٍ خلف الكواليس للأسهم الفضية.
جائزة سنغافورة الكبرى شهدت تحقيق فريق فيراري لقفزةٍ نوعيةٍ مقارنةً مع ما كان الحال عليه في الجولات السابقة، مع القدرة على التعامل مع الإطارات وتمتع سيارة ‘أس أف 90’ بفعاليةٍ انسيابيةٍ لا يستهان بها.
رأي: فريق فيراري يتألق ويبدأ تحدي 2020 من سنغافورة
ولكن من جهةٍ أخرى، فإن وتيرة مرسيدس في ظروف السباق كانت جيدةً أيضاً. منذ اللفات الأولى، كان بإمكان لويس هاميلتون المحافظة على فارق بسيط جداً إلى سائق فيراري شارل لوكلير الذي كان في صدارة السباق أثناء خفضه من سرعته للمحافظة على إطاراته. ولكن، حتى عندما كان لوكلير يضغط ويسعى إلى توسيع الفارق، كان بإمكان هاميلتون مجاراته.
لطالما اشتهر فريق مرسيدس بقدرته وتفوقه على صعيد الاستراتيجية. رأينا في جائزة إيطاليا الكبرى من العام الماضي، عندما تواجد سائق فيراري آنذاك كيمي رايكونن في صدارة السباق، كانت لدى سيارته أفضليةً، إلا أن فريق مرسيدس تمكن من الهجوم على رايكونن، مع مساعدة لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس لبعضهما البعض لتشتيت فيراري، وليضمن فريق مرسيدس تحقيق ثنائية المركزين الأول والثاني.
الأمر ذاته تكرر في جولتَي بلجيكا وإيطاليا من الموسم الحالي. رأينا تواجد سائقَي مرسيدس على مقربةٍ من بعضهما البعض، ما أتاح للأسهم الفضية اتباع استراتيجيات مختلفة للضغط على فريق فيراري. في هذين السباقين، حقق شارل لوكلير فوزاً صعباً جداً ومع تعرضه لضغطٍ كبير، واجتاز خط النهاية بفارق أقل من ثانية أمام هاميلتون في بلجيكا، وبالفارق ذاته أمام بوتاس في إيطاليا.
هنا تكمن أفضلية مرسيدس الاستراتيجية. عندما يكون ثنائي الفريق على مقربةٍ من بعضهما البعض، يكون بإمكانهم الضغط وتشتيت تركيز الخصم لإبقاء المنافسة مشتعلة حتى اجتياز خط النهاية. ولكن في سنغافورة، نهاية الأسبوع الماضي، كان الوضع مختلفاً بعض الشيء.
إذ أن هاميلتون كان وحيداً في معركة الصدارة، مع تواجده بالمركز الثاني، فيما كان زميله بوتاس في المركز الخامس دون إمكانية تحقيقه لتقدمٍ نظراً لصعوبة التجاوز في حلبة مارينا باي.
السلاح الذي يتمتع به فريق مرسيدس لم يعد متاحاً. لم يكن بإمكان فريق مرسيدس الاستجابة لاستراتيجيات التوقف المبكر التي اتبعها سيباستيان فيتيل، ماكس فيرشتابن، وحتى شارل لوكلير في اللفة التالية، سوى من خلال استدعاء بوتاس لإجراء توقفه، ولم يكن بإمكان بوتاس لعب أي دور في معركة الصدارة في ذلك الحين.
المزيد من أخبار الفورمولا 1!
براون: مرسيدس الأقوى حتى الآن ولكن عليهم الحذر
هاميلتون: فيراري أكثر تعطشاً للفوز من مرسيدس
فريق مرسيدس أدرك على الفور بأن حظوظ هاميلتون للمنافسة على الفوز أصبحت ضئيلةً، نظراً لأنه أصبح وحيداً في صدارة السباق ولكن مع إطاراتٍ متآكلة وبوتيرةٍ أسوأ من منافسيه المتمتعين بإطاراتٍ جديدة.
في تلك المرحلة، ما كان بإمكان مرسيدس سوى تأخير توقف هاميلتون لأطول فترة ممكنة، على أمل وجود حادثة تستدعي دخول سيارة الأمان أو تطبيق نظام سيارة الأمان الافتراضية. كانوا يدركون أنه، وتحت ظروفٍ طبيعية، لن يكون بإمكانهم الفوز بالسباق.
ربما لم يعتد فريق مرسيدس، في الآونة الأخيرة على الأقل، على عدم إمكانية استغلال أفضلية وجود سائقَين في المعركة ذاتها لشن هجوم للمنافسة في الصدارة والتفوق على المنافسين وتحقيق أفضل نتيجة ممكنة. لكن في حلبة مارينا باي، لم يكن بإمكان فريق مرسيدس اتباع الأسلوب ذاته.
فبعد انطلاق لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس من المركزين الثاني والخامس، اجتازا خط النهاية بالمركزين الرابع والخامس تباعاً. ورغم وجهة النظر السلبية تجاه مرسيدس عندما طلبوا من بوتاس تخفيف وتيرته بشكلٍ كبير ليضمنوا خروج هاميلتون من منطقة الصيانة أمامه، إلا أن ذلك القرار كان صائباً.
إذ أن هذا القرار لـ مرسيدس ضمن عدم اجتياز بوتاس وهاميلتون لخط النهاية بالمركزين الرابع والسادس، نظراً لأن سائق ريد بُل أليكساندر ألبون كان على مقربةٍ من بوتاس وبالتالي كان الثنائي ليتجاوز هاميلتون بعد توقفه. وبالتالي، فإن تخفيف بوتاس لوتيرته ضمن تأخير ألبون، وبالتالي ‘الحد من الأضرار’ وتحقيق مرسيدس لأفضل نتيجة ممكنة في ظل الظروف المتاحة.
اقرأ أيضاً
وولف مستاء من خفض بوتاس لسرعته لمساعدة هاميلتون
هاميلتون لن يوجه اتهامات مع ‘سوء اتخاذ القرارات’
من المؤكد أن فريق مرسيدس يبقى الأكثر اكتمالاً على شبكة الانطلاق، وأن سيارة ‘دبليو 10’ تبقى الأقوى أيضاً. هذا أمرٌ غير مفاجئ، نظراً لأن الفريق أصبح قاب قوسين أو أدنى من الفوز بلقبَي الصانعين والسائقين للموسم السادس على التوالي، وليستمر سجلهم المثالي منذ بدء الحقبة الهجينة في الفورمولا 1 في 2014.
إلا أن جائزة سنغافورة الكبرى كشفت نقطة ضعفٍ في ما يتعلق بتعامل مرسيدس مع الاستراتيجيات. ومن المؤكد أن الأسهم الفضية ستعمل على إجراء تحليلات شاملة ومفصّلة في ما حصل لضمان التمتع بمستوى أداء – استراتيجي – أفضل في الجولات المقبلة، وإلا ستبقى هذه نقطة ضعفٍ كبيرةٍ لـ مرسيدس مع إمكانية تفوق منافسيهم عليهم فقط في حال ضمان عدم تواجد ثنائي الفريق على مقربةٍ من بعضهما البعض في الحلبة.