تتجه بطولة العالم للفورمولا 1 إلى حلبة سيلفرستون، التي تستضيف جائزة بريطانيا الكبرى، عاشر جولات موسم 2021 نهاية الأسبوع الحالي، وهي جولةٌ قد تمثل اختباراً حقيقياً لحظوظ فريق مرسيدس في المحافظة على سيطرته والفوز بألقاب هذا الموسم.
اقرأ أيضاً: الفورمولا 1 تكشف عن نموذج بالحجم الكامل لسيارة 2022
لربما لم يتوقع أحد، ومن ضمنهم فريق مرسيدس، أن تسير الأمور على هذا النحو في موسم 2021. بعد 9 جولاتٍ، يعتبر فريق ريد بُل هو الأفضل في الموسم الحالي، مع فوزه بخمسة سباقاتٍ على التوالي، وليتصدر ماكس فيرشتابن ترتيب بطولة العالم للسائقين، فيما جاء الفوز الأخير لـ مرسيدس مع لويس هاميلتون في جائزة إسبانيا الكبرى قبل بضعة أشهرٍ.
من المرجح أن فريق مرسيدس اتجه إلى الموسم الحالي ولديه خطة، أو استراتيجية، لكيفية التعامل مع هذا الموسم بالترافق مع التركيز في 2022 والتغييرات الجذرية في القوانين التقنية لذلك الموسم.
لذلك، كانت المهمة واضحة: التمتع بأداء قوي والفوز بالسباقات الأولى من الموسم، توسيع الفارق في ترتيب بطولتي العالم للسائقين والصانعين، ومن ثم التحكم بمجريات الموسم دون وجود تهديد ملموس من المنافسين، وحيث سيكون بإمكان فريق مرسيدس التركيز في سيارة 2022 من المراحل المبكرة في 2021.
وضع مثل هذه الاستراتيجيات يتطلب فترةً طويلةً من التخطيط، ولا يمكن تعديله بين ليلةٍ وضُحاها، ويحتاجه تعديله خلال الموسم لجهودٍ جبارة.
في نهاية المطاف، المهمة سهلة أمام مرسيدس في ظل وجود تعديلات بسيطة في القوانين التقنية لموسم 2021. أليس كذلك؟
هنا جاء خطأ مرسيدس. إذ أن هذه التعديلات في القوانين التقنية منحت أفضليةً كبيرةً لفريق ريد بُل، الذي تأقلم مع المواصفات الجديدة لأرضية السيارة أفضل مما هو الحال عليه مع فريق مرسيدس، الذي وجد نفسه مع سيارةٍ عصبية، لا يمكن للسائقين الثقة بالقسم الخلفي أثناء القيادة، وليجد الفريق نفسه، للمرة الأولى منذ بدء الحقبة الهجينة في 2014، وهو الأضعف بالفعل، وبشكلٍ ملحوظ، مقارنةً مع منافسيه.
حسناً، كان هناك تهديد ملموس من فيراري في 2017 و2018، ولكن في تلك المواسم كان فريق مرسيدس قريباً للغاية من الصدارة، وتمكن بحلول منتصف الموسم من استعادة السيطرة على زمام الأمور، حيث كان بإمكان هاميلتون الفوز باللقب في هذين العامين قبل عدة جولاتٍ على نهاية الموسم.
View this post on Instagram
الآن، في حلبة سيلفرستون، قام فريق مرسيدس بجلب بعض القطع الجديدة التي لم يكن مخططاً لها، في سعيه لتقليص الفارق إلى ريد بُل، الفريق الذي كان الأفضل بفارق مريح في الجولات الماضية.
نظرياً، تصميم حلبة سيلفرستون يصب في كافة نقاط قوة سيارة مرسيدس، إذ أن الحلبة تتميز بمنعطفاتها عالية السرعة التي تتطلب مستويات ارتكازية عالية تترافق مع فعالية انسيابية. كما أن هذه المنعطفات السريعة، المتتالية، تساهم في رفع درجة حرارة الإطارات بسهولة مقارنةً مع الجولات الماضية، حيث كانت أبرز نقاط ضعف سيارة مرسيدس هي استخراج أفضل ما يمكن من الإطارات في لفةٍ واحدةٍ، نظراً لعدم ضمان تواجد الإطارات في المجال المثالي من درجات الحرارة.
لذلك، يدرك فريق مرسيدس أن ما سيحصل في سيلفرستون سيكون حاسماً وأساسياً لتحديد مجريات ما تبقى من هذا الموسم، الذي من المفترض أن يكون الأطول في تاريخ الفورمولا 1.
في حال تمكن فريق مرسيدس من الفوز في سيلفرستون، سيكسر وتيرة ريد بُل العالية من الجولات الخمسة الماضية، وسيكون بإمكانه استعادة الثقة بالنفس أن بإمكانه التفوق والفوز بالعديد من السباقات في حلباتٍ سريعة.
تلك الثقة بالنفس ستكون أساسيةً، سيكون هناك تعزيز لمعنويات فريق مرسيدس، وسيواصل السعي لكسر سيطرة ريد بُل جولةً تلو الأخرى في موسمٍ نأمل أن ينتهي وتُحسم ألقابه في اللفة الأخيرة من جائزة أبوظبي الكبرى الختامية، التي تستضيفها حلبة مرسى ياس في كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
ولكن فوز ريد بُل في سيلفرستون، إن حصل، سيوجه إنذاراً وتهديداً كبيراً لفريق مرسيدس، ربما يكون وقعُهُ أكبر من الانتصارات الخمسة الماضية، وسيوجه رسالةً لـ مرسيدس مفادها بأن فريق ريد بُل هو المتحكم بمجريات هذا الموسم بغض النظر عن خصائص الحلبات، وأن سيارة ريد بُل المزودة بوحدة طاقة هوندا لها اليد العليا.
ربما فوز ريد بُل في سيلفرستون سيسهّل المهمة أمام فريق مرسيدس لرسم استراتيجيته طويلة الأمد ورمي كافة الموارد نحو تطوير وتصميم سيارة الموسم المقبل، لضمان التفوق على المنافسين والعودة إلى الصدارة مع بدء الحقبة الجديدة للفورمولا 1 حتى وإن كان ذلك سيعني التضحية بموسم 2021.
ما الذي سيحصل؟ جائزة بريطانيا الكبرى ستكون كفيلةً بالإجابة على هذا السؤال. لكن هذه الجولة، الأعرق في تاريخ الفورمولا 1، ستكون مسرحاً لفصلٍ أساسي، ومفصلي، في معركة مرسيدس / ريد بُل، أو ربما الأفضل وصفها بمعركة ريد بُل / مرسيدس، نظراً لتفوق الفريق التابع لشركة مشروبات الطاقة، في هذا الموسم الملحمي.