يستعد سيباستيان فيتيل للمشاركة في موسمه السادس ضمن صفوف فريق فيراري في بطولة العالم للفورمولا 1. رغم كافة التحديات التي واجهها الألماني في مسيرته الاحترافية، إلا أنه يواجه الآن تحدياً قد يكون الأصعب في مسيرته، ولن تكون مهمته سهلةً بالتأكيد أثناء مزاملة المونيغاسكي اليافع شارل لوكلير…
عندما أُعلن، أواخر موسم 2014، عن انتقال سيباستيان فيتيل إلى صفوف فريق فيراري، ارتأى الجميع بأنه ‘المنقذ’ الذي سيعيد الألقاب إلى القلعة الحمراء وسيعيد بناء الفريق بأسلوبٍ مماثلٍ لما حصل مع مواطنه مايكل شوماخر في الحقبة الذهبية للفريق أواخر تسعينيات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي.
ولكن، عاماً تلو الآخر، كانت هناك عدة أسبابٍ حالت دون نجاح فيتيل وفيراري بتحقيق تلك الأهداف. في الأعوام الأولى من تلك الشراكة، كان الفريق مشتتاً وبحاجةٍ لإعادة استجماع قواه، ومن ثم كان هناك التحسن النوعي في مستوى الأداء في 2017 و2018 الذي لم يثمر، مجدداً، عن الفوز بالألقاب لعوامل متعددة يتحمل مسؤوليتها الفريق والسائق سويةً.
إلا أن موسم 2019 كان الأول طوال مسيرة فيتيل الذي يشهد أمراً لم يحصل من قبل: تمكن زميله في الفريق من التفوق عليه باستمرار، رغم افتقاره نسبياً للخبرة مقارنةً مع فيتيل.
حسناً، في 2014 تمكن دانيال ريكاردو، الوافد الجديد إلى ريد بُل، من التفوق بأريحية على زميله سيباستيان فيتيل. لكن ما الذي حصل في العام التالي؟ فيتيل رحل عن صفوف الفريق، لم يعد بإمكانه تحمل فكرة التواجد ضمن صفوف فريق لم يكن فيه لديه الأولوية المطلقة.
لذلك، حتى عندما رُفع علم المربعات معلناً انتهاء سباق جائزة أبوظبي الكبرى، وبالتالي انتهاء موسم 2019 بأكمله، كانت هناك عدة شكوك حول إمكانية عدم عودة فيتيل إلى فيراري في موسم 2020. إلا أن الألماني أكد عدة مراتٍ التزامه بـ فيراري، والتزامه بالنجاح مع فيراري، وسيشارك في موسم 2020، لتكون تلك المرة الأولى التي يشارك فيها فيتيل ضمن صفوف فريقٍ شهد تفوق زميله في الفريق عليه في العام السابق.
يمكننا القول في العام الماضي بأن فيتيل لم يكن مرتاحاً مع السيارة، خصوصاً مع التغييرات الجذرية في القوانين التقنية بخصوص تصميم الأجنحة الأمامية والتي غيّرت من أسلوب استجابة السيارة بالكامل.
فيتيل سائق يحتاج لمقدمة سيارة متزنة، ومستقرة، ليتمكن من استخلاص أقصى قدراته وتقديم أفضل أداء ممكن. منذ أيام تواجده ضمن صفوف فريق ريد بُل، يتبع فيتيل أسلوب القيادة ذاته: تأخير الكبح عند الوصول إلى المنعطف، ثم الثقة بمقدمة السيارة وتوجيهها كما يريد، مع إمكانية التنبؤ باستجابة المقدمة، ليحكم سيطرته على القسم الخلفي ويضمن عدم انزلاق السيارة.
الكلمة المفتاحية هنا هي ‘التنبؤ’. في حال لم يكن بإمكان فيتيل التنبؤ باستجابة المقدمة، لن يثق بها، وبالتالي سيبقى متردداً أثناء دخول المنعطف وهذا الأمر يؤدي إلى عدم قدرته على تقديم أفضل ما لديه، وفي الوقت ذاته يؤدي إلى ارتكابه لعدة أخطاءٍ أثناء القيادة.
أما بالنسبة لـ لوكلير، فإن المونيغاسكي تمكن من استخلاص أقصى قدرات السيارة المتاحة لديه. في الواقع، قد تكون تلك إحدى فوائد انعدام الخبرة في الفورمولا 1، نظراً لأن لوكلير لم يقد العديد من سياراته الفورمولا 1 في مسيرته، وبالتالي لديه مرونة أكبر في التأقلم مع متطلبات القيادة المتاحة له واستخلاص أقصى قدرات سيارته.
سيباستيان فيتيل يواجه مهمةً صعبةً بالتأكيد. حسناً أمضى العام الماضي بأكمله وهو يحاول التأقلم مع السيارة، ولكنه من المفترض أن يكون قد اكتسب خبرةً كبيرةً معها، كما أنه قدم العديد من المعطيات المفيدة لفريقه لمعالجة نقاط ضعف العام الماضي ليحصل على سيارة تمنحه ثقةً أكبر في موسم 2020.
بالتالي، بغض النظر عن قدرة فيراري على منافسة مرسيدس (أو حتى ريد بُل) في موسم 2020، أمام فيتيل مهمة أساسية: مجاراة وتيرة لوكلير باستمرار، والتفوق عليه. عدم قدرته على تحقيق ذلك سيعني أن فيتيل هُزم ضمن صفوف فريقٍ واحد، من قبل سائقٍ غير خبير نسبياً في الفورمولا 1، لعامَين على التوالي.
في حال حصول ذلك، من المرجح أن فيتيل لن يستمر ضمن صفوف فيراري في 2021، وسيرحل إلى فريقٍ آخر أو أنه سيعتزل ويرحل عن الفورمولا 1 بأكملها.
بالتأكيد، لن ينكر أحد أن فيتيل أحد أكثر سائقي الفورمولا 1 موهبةً، وهو لم يفز بألقابه العالمية الأربعة ‘بالصدفة’، وإنما نتيجة بذله لمجهودٍ جبار مع فريق ريد بُل والتفوق على المنافسين لأربعة أعوامٍ متتالية. لكن في حال شهدت أعوامه الأخيرة ضمن صفوف فيراري تفوق زميله في الفريق عليه باستمرار، كما حصل في 2019، فإن ‘الانطباع’ الذي سيتركه فيتيل في ذاكرة عشاق الفورمولا 1 سيتغير بالتأكيد.
كما سيكون من المثير للاهتمام معرفة الحالة الذهنية والنفسية لـ فيتيل في الموسم الجديد.
إضافةً إلى متطلباته القيادية، ورغبته بأن تكون معايير ضبط السيارة ملائمة لأسلوب قيادته تماماً، فإن فيتيل يحتاج للتمتع براحةٍ ذهنية ونفسية ليقدم أفضل ما لديه داخل مقصورة القيادة. لم يسبق لـ فيتيل التعامل مع الألاعيب الذهنية، وبالتأكيد لم يواجه تلك المشكلة من قِبل زميلٍ له في الفريق أكد منذ اليوم الأول لانضمامه إلى فيراري بأنه يسعى لأن يكون السائق الأساسي للحصان الجامح.
العديد من التساؤلات تحيط بـ فيتيل في موسم 2020، والتي لا بد للألماني أن يدفعها للتلاشي من خلال تقديم أفضل ما لديه من لفته الأولى مع سيارة فيراري الجديدة في التجارب الجديدة، وصولاً إلى إثبات قدراته وما ساهم بتحقيقه لإنجازاته المذهلة في الفورمولا 1 في كافة الجوائز الكبرى لموسم 2020.
هل سيكون بإمكان فيتيل تحقيق ذلك؟ من المؤكد أن لوكلير لن يجعل المهمة سهلة إطلاقاً…