أقل من أربعة أسابيعٍ تفصلنا عن انطلاق مجريات موسم 2020 من بطولة العالم للفورمولا 1. بعد انقطاعٍ طويل منذ التجارب الشتوية، لا بد من تقييم كافة المعطيات التي كانت متاحةً لدينا بعد انتهاء تلك التجارب، إضافةً إلى العوامل أثناء فترة الانقطاع والحجر الصحي، لتكوين صورة عن ماهية الترتيب التنافسي في جائزة النمسا الكبرى.
في هذه الزاوية، سنتطرق إلى مستويات وإمكانيات الفرق الثلاثة الكبار، مرسيدس، فيراري، وريد بُل، وتقييم حظوظ كل فريق في حلبة ريد بُل رينغ…
آخر أخبار الفورمولا 1!
تقارير: الصين تسعى إلى إقامة جولتَين في موسم 2020
فيراري: سنكون سعداء في حال انضمام فيتيل إلى مرسيدس
تجارب لـ فيراري ومرسيدس قبل انطلاق موسم 2020
أسابيع قليلة وينطلق موسم 2020 من الفورمولا 1. موسمٌ طال انتظاره كثيراً. في الواقع، عندما ستغادر سيارات الفورمولا 1 منطقة الصيانة سيكون قد مضى 127 يوماً منذ انتهاء التجارب الشتوية لموسم 2020، و216 يوماً منذ انتهاء جائزة أبوظبي الكبرى الختامية لموسم 2019.
ولكن، مع انحسار انتشار وباء فيروس كورونا، في القارة الأوروبية على الأقل، سنشهد الشهر المقبل إقامة جولتَين في النمسا، تتبعهما جولة في حلبة هنغارورينغ في المجر.
زاوية: دليل متابعي الفورمولا 1 لموسم 2020
ورغم حصولنا على ستة أيامٍ فقط من التجارب الشتوية في شباط/ فبراير الماضي، لا بد لنا من مراجعة تلك المعطيات، وتقييم كل ما كان متاحاً خلال تلك الفترة، خصوصاً وأن مصانع فرق الفورمولا 1 بقيت مغلقةً لفترةٍ طويلة أثناء الحجر الصحي، للتنبؤ بمستوى الفرق الثلاثة الكبار في حلبة ريد بُل رينغ.
من دون شك، وبعد الفوز بستة ألقابٍ عالمية على التوالي وفرض السيطرة المطلقة منذ بدء الحقبة الهجينة للفورمولا 1، فإن فريق مرسيدس يعتبرش المرشح الأبرز للتفوق والمحافظة على سيطرته في موسم 2020.
ولكن المهمة قد لا تكون سهلة بالنسبة للأسهم الفضية في 2020، والأمر غير متعلق بالسرعة.
من المؤكد أن سيارة مرسيدس ”دبليو 11“ تتمتع بمستوى أداء مذهل، وابتكارات رائعة على صعيد نظام التعليق الخلفي المبتكر والفريد من نوعه، وأيضاً نظام التوجيه ثنائي المحور (DAS) الذي لفت الأنظار في التجارب الشتوية والذي قد يمنح مرسيدس أفضلية حاسمة.
تحليل: فريق مرسيدس يبدع مع نظام التعليق الخلفي
ولكن، لإنهاء السباقات بالمركز الأول، لا بد من إنهاء السباقات. وهنا يكمن القلق لدى مرسيدس. إذ عانى الفريق من العديد من مشاكل الموثوقية، على صعيد وحدة الطاقة خصوصاً، والتي كانت غريبةً بالنسبة لـ مرسيدس نظراً للأفضلية المريحة والتفوق على المنافسين في هذا المجال منذ 2014.
إذ أن فالتيري بوتاس واجه مشاكل كهربائية في الأسبوع الأول من التجارب الشتوية في حلبة برشلونة، كما واجه زميله لويس هاميلتون مشكلةً في ضغط الزيت في الأسبوع الثاني من التجارب بعد إكماله لـ 14 لفة فقط.
اقرأ أيضاً: مرسيدس تبذل جهوداً جبارة لمعالجة مشاكل الموثوقية
كما أن فريق ويليامز، الذي يستخدم وحدات طاقة مرسيدس، واجه مشاكل في الموثوقية أدت إلى تغيير المحرك مرتين في الأسبوع الثاني من التجارب، وهو أمرٌ غير اعتيادي نظراً لأن الفرق التي تستخدم محركات مرسيدس، ومن ضمنها فريق المصنع، اشتهرت بإكمال التجارب الشتوية بكافة أيامها باستخدام وحدة طاقة وحيدة فقط دون تبديل أي نظام فيها.
هذه المشاكل دفعت المدير التقني في مرسيدس جايمس أليسون للتأكيد بأنها ”عوامل للقلق“ لا بد من معالجتها قبل انطلاق الموسم.
حسناً، مضى زمنٌ طويل منذ تلك التجارب الشتوية، وكان بإمكان مهندسي مرسيدس التفكير وتحليل كافة المعطيات لضمان تفادي هذه المشاكل. ولكن، لحين توجه السيارات إلى الحلبة في النمسا، لن يكون التأكد من صحة حلول مرسيدس ممكناً.
إضافةً إلى ذلك، فإن موسم 2020 ينطلق من حلبةٍ تُعتبر من الأضعف لـ مرسيدس على روزنامة البطولة، مع نتائج متواضعة بالنسبة لأبطال العالم في العامَين الماضيين، خصوصاً وأن هذه الحلبة مرتفعة عن سطح البحر، وتُجهد وحدات الطاقة بشكلٍ ملحوظ نظراً لانخفاض كثافة الهواء.
في 2018، انسحب ثنائي الفريق لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس بسبب مشاكل في الموثوقية، بينما أنهى بوتاس سباق العام الماضي بالمركز الثالث فيما جاء هاميلتون خامساً خارج عتبات منصة التتويج.
في هذين السباقين، كان الفوز من نصيب سائق فريق ريد بُل ماكس فيرشتابن. ومع إقامة سباقَين في حلبة ريد بُل رينغ الشهر المقبل، قد يعني ذلك إمكانية تفوق فيرشتابن على منافسيه والحصول على أفضلية لا يستهان بها للفوز باللقب العالمي.
بطبيعة الحال، وبعد انتهاء التجارب الشتوية، كان من الواضح أن فريق ريد بُل – على صعيد الأداء – هو الأقرب إلى مرسيدس، مع تحسن قوة وموثوقية وحدة طاقة هوندا بشكلٍ ملحوظ، إضافةً إلى التقدم الواضح على صعيد تصميم الهيكل والجسم الانسيابي للسيارة.
اقرأ أيضاً!
فيرشتابن: يجب تحسين أداء سيارة ريد بُل في كافة المجالات
يمكن لـ هوندا إكمال موسم 2020 بأكمله بدون عقوبات
ولكن، علينا ألا ننسى المشاكل التي واجهها فريق ريد بُل: سيارة ”أر بي 16“ كانت عصبيةً، وعانت من استقرار القسم الخلفي في عدة مناسباتٍ، خصوصاً في اللفات السريعة وتجارب محاكاة الحصة التأهيلية مع انزلاق ماكس فيرشتابن وأليكساندر ألبون عدة مراتٍ في المنعطفات متوسطة السرعة وأثناء التسارع على وجه الخصوص.
هذا الأمر قد ينجم عنه آثار سلبية في عدة نواحي لـ ريد بُل: بدايةً، قد يؤدي ذلك إلى اعتماد معايير ضبط ’محافظة أكثر‘ للسيارة سعياً للحد من قدراتها وضمان عدم فقدان السائقين للسيطرة عليها.
ومن جهةٍ أخرى، قد تتزعزع ثقة السائقين بالسيارة، ما يحول دون ضغطهم إلى أقصى الحدود وعدم قدرتهم على التمتع بأفضليةٍ، قد تكون حاسمةً، على المنافسين.
سيكون من المثير للاهتمام معرفة كيف سيتعامل فريق ريد بُل مع عصبية سيارته من التجارب الشتوية. إذ أن معطيات تلك التجارب تشير إلى أن سيارة ريد بُل المزودة بوحدة طاقة هوندا تعتبر الأكثر اكتمالاً على شبكة الانطلاق في 2020 (مع حزمة السرعة / الأداء / الانسيابية)، ولا بد من معالجة بعض نقاط الضعف لضمان تسجيل نتائج قوية وعدم ارتكاب أخطاء مكلفة جداً في موسمٍ قصير للفورمولا 1.
وماذا عن فريق فيراري إذاً؟ وفقاً لمجريات التجارب الشتوية، كان الفريق أبطأ من منافسيه في مرسيدس وريد بُل. بل كانت هناك شكوك حول إمكانية تفوق فريق رايسنغ بوينت مع سيارته، القريبة جداً من تصميم سيارة مرسيدس من العام الماضي، على فيراري.
فريق فيراري، وبدلاً عن محاولة تصميم سيارة فعّالة، حاول معالجة نقاط ضعف سيارة العام الماضي فقط. مع اعتماد تصميم مشابه جداً لسيارة 2019، ولكن مع زيادة مستويات الارتكازية فقط لضمان تمتع السيارة بأداءٍ تنافسي في المنعطفات، بعدما عانى الفريق بشكلٍ كبير من هذه النقطة في 2019.
اقرأ أيضاً!
من الغباء الاستهانة بقدرات فريق فيراري في 2020
فريق فيراري “يراقب” أداء فريق رايسنغ بوينت
مرسيدس: لدى فيراري ثانية كاملة لم يظهرها في التجارب الشتوية
هذا الأمر أدى إلى زيادة قوة الجر التي تتمتع بها السيارة، وبالتالي انخفاض سرعتها في الخطوط المستقيمة بشكلٍ ملحوظ، بالترافق مع اعتماد تصميم لمقدمة السيارة مشابه لسيارة العام الماضي، وهي مقدمة عريضة نسبياً، فيما اعتمد العديد من المنافسين وفرق متوسط الترتيب نهجاً مختلفاً مع تصميم مقدمة سيارة ضيقة وأنيقة انسيابياً تسمح بتنظيمٍ أفضل لتدفق التيارات الهوائية.
وبالتالي، وفي حين أن سيارة فيراري كانت من الأسرع عبر المنعطفات في التجارب الشتوية لحلبة برشلونة الإسبانية، لا بد لهم من معالجة سرعتهم على الخطوط المستقيمة، وضمان تمتع المحركات بمستوى أداءٍ أفضل، أو على الأقل إيجاد حل لتقليل قوة السحب في الخطوط المستقيمة دون تأثر الارتكازية في المنعطفات، خصوصاً وأن الموسم ينطلق مع حلبة ريد بُل رينغ التي تتميز بخطوطها المستقيمة الطويلة ومنعطفاتها البطيئة ونقاط الكبح القاسية، وهي جميعها نقاط ضعف لسيارة فيراري وفقاً لمعطيات التجارب الشتوية.
إضافةً إلى ذلك، فإن فريق فيراري يواجه تحدياً ضخماً على صعيد التعامل مع سائقيه، أو مع سيباستيان فيتيل على وجه الخصوص، إذ أن الألماني يرحل عن صفوف الفريق مع نهاية موسم 2020.
فيتيل سيرغب بإثبات جدارته بالمقارنة مع زميله شارل لوكلير، ولن يقبل بلعب دورٍ مساندٍ، ومن شبه المؤكد أننا سنشهد توتراً كبيراً في العلاقة بين الثنائي، بشكلٍ مماثلٍ لما شهدناه في سباق البرازيل من العام الماضي عندما احتك الثنائي وانسحب من السباق في حادثٍ دراماتيكي.
وبالتالي، حتى في حال تمتع فريق فيراري بمستوى أداء قوي للمنافسة على الفوز بالسباقات، سيكون عليهم ضمان انعكاس هذا الأداء على النتائج وعدم المخاطرة بتحقيق نتائج قوية من خلال تصرفات السائقين في الحلبة.
بكافة الأحوال، فإن كل ما حصل منذ نهاية التجارب الشتوية وحتى الآن يعتبر غير اعتيادي في عالم الفورمولا 1، وفي العالم بأكمله في الواقع، وليس علينا سوى الانتظار أسابيع قليلة قبل عودة الفئة الملكة من رياضة المحركات والإجابة على كافة التساؤلات، وربما أيضاً تقديم المفاجآت!