“أحب أن أجعل الناس يضحكون، أحب الشُكُولاتة ورائحة الخبز الطازج. الأزرق لوني المفضل. أؤمن بالتغيير والمضي قدمًا، وأن القليل من أي شيء يحدث فرقًا كبيرًا. أنا انسانٌ متفائل وأؤمن أن الناس طيبون”.
بهذه الكلمات اختار فيتيل اعلان خبر اعتزاله بطولة العالم للفورمولا 1، كان مفاجئًا نوعًا ما للعديد من المتابعين والمعجبين بمسيرة هذا السائق، الذي حفر اسمه في سجل أبطال وأساطير البطولة.
اختار الألماني طريقة كانت مفاجئة أيضًا، حيث لطالما عبّر عن رفضه استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها خرقًا لحياته الشخصية، لم يكن يحب مشاركة لحظاته اليومية مع معجبيه حول العالم، أراد حياة هادئة بعيدة عن صخب الإعلام والبطولة.
لكن هذه المرة، ظهر فيتيل بحسابٍ جديد على “انستغرام” وبمقطع فيديو قام بتصويره، معلنًا فيه اعتزاله الفورمولا 1 بعد 15 عامًا، خاض فيها مسيرة ملهمة كسائق ورياضي، حقق فيها 4 ألقاب، يتفوق عليه فقط مايكل شوماخر ولويس هاميلتون وخوان مانويل فانجيو، كما سجّل 53 انتصارًا بسباقات البطولة.
أوضح فيتيل أن له حياة أخرى خارج مسار الحلبة، هو أبٌ لثلاثة أطفال، واختار أن يكون قريبًا منهم ويمنحهم الوقت الأكبر في حياته بعيدًا عن الضغط العصبي والجسدي، الذي تفرضه بطولة كالفورمولا 1.
عُرف فيتيل بسلوكه الرصين وأخلاقياته وآرائه الخاصة حيال قضايا وتحديات يواجهها العالم، خاصة البيئية منها، كما كان ملتزمًا بشكل كبير بالكثير من النشاطات خارج الحلبة.
شدد فيتيل على طبيعته الإنسانية، وأشار إلى أن التسابق ليس “الهوية الوحيدة له”، وأنه كما هنالك الأحداث في الحلبات، هنالك حياة بأكملها خارجها، حيث قال: “كوني سائق تسابق ليس هويتي الوحيدة، أؤمن كثيرًا أن هويتنا تتمحور حول من نحن وكيف نعامل الآخرين، عوضًا عن ما نفعله”.
لكن لماذا اختار الاعتزال في هذا التوقيت؟
بعد فترة ناجحة مع ريد بُل، حقق فيها ألقابه الأربعة في البطولة، اتجه الألماني إلى فيراري، والأمل يعتريه بتكرار تجربة أسطورته مايكل شوماخر مع السيارات الحمراء، لكن العقبات حالت دون ذلك، الأجواء العامة في الفريق والفشل في تقديم سيارة قادرة على منافسة مرسيدس على ألقاب البطولة سدّت الطريق أمامه، ودفعه ذلك إلى التوجه إلى أستون مارتن.
في أستون مارتن، كان لـ فيتيل تأثيرًا إيجابيًا على على الفريق بمجمله، وهذا كان الهدف الأساسي لمالك الفريق لورنس سترول، كان الأخير يريد التعاقد مع اسم كبير في جعبته خبرة كبيرة في البطولة، واستغل خروج فيتيل من فيراري ليوقع معه على الفور.
كان لخبرة فيتيل دورًا بارزًا في مساعدة الفريق والطاقم الفني والهندسي في التصميم وساهم بفعالية في رفع الأداء الجماعي للفريق وجعله أكثر فعالية في عملية تطوير السيارة، كما كان مرشدًا مهًما لـ لانس، نجل مالك الفريق لورنس سترول، الذي لا يزال في بداية مسيرته في الفورمولا 1.
رغم ذلك، لم يكن بمقدور فيتيل الاستمرار في البطولة، خاصة أن فريق أستون مارتن لم يتمكن حتى الآن من تقديم سيارة سريعة قادرة على المنافسة، سواء في المتقدمة أو وسط الترتيب. في 2022، ظهرت السيارة متأخرة كثيرًا، ولم تعطي النتائج التي كان فيتيل، أو حتى الفريق، يأمل بتحقيقها.
أدرك فيتيل أن الوضع لن يتغير كثيرًا في حال استمر حتى الموسم المقبل، عقده ينتهي مع الفريق نهاية هذا الموسم، خاصة وأن القوانين لن تتغير كثيرًا في السنة المقبلة كما أن القيود على النفقات تمنع إمكانية تحقيق تقدم في تأدية السيارة.
الواقع يقول إن الفريق بحاجة لوقت طويل جدًا ليكون بقدرته المنافسة على المراكز الأولى، لذا كان قرار صاحب الـ 35 عامًا التوقف هنا.
لا شك أن قرار بطل العالم 4 مرات رسم نهاية لمسيرة ملهمة في بطولة العالم للفورمولا 1، أصبح الألماني جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البطولة، لقد مرّ بالكثير من التقلبات والتخبطات واللحظات العاطفية، لكن الثابت الوحيد هو أنه يتمتع بقيمة ووزن كبيرين، وأنه من بين الكبار الذين تركوا بصمتهم في حلبات التسابق حول العالم.