بواسطة خضر الراوي
لم تتوقف «آلة الفوز» الخاصة بفريق ريد بُل في الهند وربما لن تتوقّف مع نهاية الموسم في البرازيل. ولكن الذي توقّف هو نبض البطولة قبل 3 مراحل من النهاية، إذ أحرز «شومي الصغير» أو «الكبير» بطولته الرابعة على التوالي من دون أيّ رأفةٍ بمنافسيه.
بالعودة الى التجارب التأهيليّة للجولة الأولى في أستراليا، تفوق الألماني فيتيل بفارق 0.4 ثانيّة على زميله الأسترالي مارك ويبر، وبأكثر من نصف ثانيّة عن سيارة مرسيدس بقيادة لويس هاميلتون. إعتبر الجميع حينها بأنّ البطولة إنتهت بالفعل، حان وقت تكرار سيناريو موسم 2011 من جديد. ولكن بيريللي وحدها، ولا أحد سواها وقف صدًّا منيعًا لأشهر قليلة أمام قوة ريد بُل الجارفة.
ريد بُل التي إمتلكت أسرع سيارة من الجولة الإفتتاحيّة لم تُحرز سوى فوزان في السباقات الـ6 الأولى من الموسم. بيريللي وحدها كانت المُلامة فالحظيرة النمساويّة وجدّت بأنّ إدارة الإطارات كانت تفقدها ثانيّة في اللّفة الواحدة عن منافسيها.
ولكن اليوم. وبعد أشهر قليلة. يستطيع الألماني أن يزعم بأنّه واحدٌ من أفضل سائقي الفورمولا واحد عبر العصور فما قام به في السنوات الأربعة الأخيرة ربما لن يتكّرر في الأعوام المقبلة على أقل تقدير.
’’يبلغ فيتيل من العمر 26 عامًا فقط، لكنه يذل جهدًا كبيرًا‘‘ قال مدير ريد بُل كريستيان هورنر بعد سباق الهند، مضيفًا ’’ما لا ترونه هو حجم الجهد الذي يبذله بعيدًا عن الأضواء‘‘.
وأكمل ’’إنّه ينتقد نفسه كثيرًا. يتطلع دائمًا الى المناطق التي يستطيع التطوّر فيها. هذا هو ما يجعله يتقدّم للأمام دائمًا‘‘.
صحيحٌ أنّ الألماني إمتلك أفضل سيارة في الأعوام الأخيرة، ولكن هذا هو عالم الفورمولا واحد. من يملك أفضل حزمة يفز بالنهايّة. ففيراري سيطرت مع الألماني مايكل شوماخر في بداية العقد الأخير من الزمن. قبلها كانت ويليامز-رينو وقبل ذلك كانت ماكلارين-هوندا في القمّة حتّى إنّ سيارة ماكلارين «أم.بي4/4» التي لا يزال إسمهًا محفورًا في أروقة قلعة «ووكينغ» فازت في العام 1988 بـ15 سباقًا من أصل 16. ولكن الإختلاف الوحيد هنا: هو أنّ فريق ريد بُل علم جيدًا كيف يحافظ على تألقّه ويستغّل جميع الظروف لصالحه.
في العام 2005 عندما إشترى مالك ريد بُل الملياردير ديتريش ماتيشيتز فريق جاغوار وغيّر إسمه لريد بُل. لم يعتقد أحد بأنّ هذا الفريق سيُنافس على البطولة على الإطلاق. فالهدف وقتها كان التسويق لمنتجات ريد بُل من خلال الحفلات الصاخبة خلال كلّ جائزة كُبرى. ولكن تغيّر الحال جذريًّا عندما إنضّم إليهم دايفيد كولتارد، الأسكتلندي القادم من فريق ماكلارين كانت له اليد العليا في إقناع أدريان نيوي بالإلتحاق به. والأخير لم يفعلها عبثًا..كان يعلم جيدًا بأنّه سيدفع بريد بُل الى قمّة الفورمولا واحد في العصر الجديد من البطولة.
ليست مشكلة ريد بُل أو فيتيل كونهما يملكان أفضل سيارة، فهذا حقّهما المشروع. أليس من واجب الفرق الأخرى تصميم سيارات قادرة على مقارعة هيمنة السيارة الزرقاء؟ فيراري حاولت فعلها هذا الموسم. بدأت الموسم بطريقة إيجابيّة، كانت لديها سيارة سريعة. سباقي الصين وإسبانيا كان رائعيَن. ألونسو كان يُحلّق في السماء السابعة. يبتسم. يضحك. يمرح. ولكن توقف كلّ شيء عن التحرّك عندما فشل فريقه من جلب تحديثات فعّالة. فمنذ سباق جائزة بريطانيا الكبرى والفريق يتراجع للخلف عوضًا عن التقدّم للأمام ممّا دفعه لإعادة السيارة التي شارك على متنها بإسبانيا وشطب جميع التحديثات التي لم تعمل من جدوله. إستمّرت المعاناة لسباق..سباقين، ثم لم يتماك الإسباني فرناندو ألونسو نفسه. إنتقد الفريق أمام العلن قائلاً ’’أريد سيارة شخص آخر‘‘. ألونسو قالها. عبّر عنها. وكشفها: أريد سيارة سريعة للفوز بالبطولة. ولا عيب في ذلك.
’’أعتقد بأنّ المشكلة كانت في تطويرنا للسيارة‘‘ قال ألونسو قبل أيام قليلة، ثم تابع ’’لم نتكيّف بشكل جيد مع الإطارات، أو لم ننجح في الخطوات التي خطّطنا لها‘‘.
وأكمل ’’لقد وصنا الى شهر يوليو/تموز مع العديد من التحديثات الجيدة على الورق، ولكنها لم تكن كذلك على أرض الواقع. أعتقد بأنّ هذه التحديثات أبطأت من التحسينات التي كان ينبغي علينا الحصول عليها‘‘.
ولكن تراجع فيراري ليس بسبب التحديثات فقط، فالنوعيّة الجديدة من الإطارات التي دخلت خلال جائزة المجر الكبرى لم تصّب في مصلحته ’’إنّ تغييرات بيريللي كانت عائقًا إضافيًّا بالنسبة إلينا. من الواضح بأنّ بعض الفرق خسرت القليل من سرعتها، وفرق أخرى إكتسبت المزيد مثل ساوبر‘‘.
وتابع قائلاً ’’ولكن توجّب على بيريللي القيام بهذه التدابير بسبب المخاطر التي أحاطت بإنفجار الإطارات. لذلك، لم تكن هذه الخطوة لصالح فريق على آخر، إذ لم يكن بإمكاننا فعل أيّ شيء‘‘.
في الـ14 من شهر يوليو/تموز الماضي، كتبتُ مقالاً حمل العنواني التالي: تسونامي فيتيل قد يغرق مارانيللو بالدمّوع. وذلك إستنادًا الى قوّة فيتيل في النصف الثاني من الموسم. ولكن في الحقيقة لم يتوقّع أحد أن يفوز الألماني بهذة الأريحيّة عن منافسيه. فمرسيدس ظهرت قويّة في المجر، لوتس مع قاعدة العجلات الطويلة كانت تريد العودة الى المقدمة. فشل الجميع مرارًا وتكرارًا وبقيّ مصطلح فيتيل هو القيمة الثابتة في أعلى منصّة التّتويج.
اليوم، فيتيل كتب تاريخه الخاص بالفورمولا واحد. وربما علينا الإنتظار سنوات أو عقود لكي نرى هذه الإنجارات من جديد. فلماذا نستغّل زمننا الحاضر بالتقليل من أهميّة إنتصارات الفتى الألماني؟ ألا يجب أن نكون سعداء كوننا نعيش هذا العصر النادر من الفورمولا1؟ عصر فيتيل وألونسو؟ عصر الفتي الذهبي والساموراي الإسباني؟ أليس من الأجدر بنا أن نحفر هذه اللّحظات التاريخيّة في عقولنا…فبعد سنوات عدّة سنتذكّر كلّ شيء ونترحّم عليها ونقول «كم كنا محظوظون».
’’أعتقد بأنّ ألونسو هو سائق موهوب للغاية وراء عجلة القيادة. أمّا هاميلتون فهو يملك موهبة طبيعيّة مذهلة‘‘ هذا ما إختتم به فيتيل تصريحه بعد حصده لبطولته الرابعة.