معركةٌ حتى خط النهاية جمعت بطل العالم ماكس فيرشتابن ومنافسه في فيراري كارلوس ساينز في سباق جائزة كندا الكبرى، تاسع جولات موسم 2022 من بطولة العالم للفورمولا 1، انتهت بفوز فيرشتابن بسباقه السادس هذا الموسم، معززًا صدارته في ترتيب النقاط، بينما اكتفى ساينز بالمركز الثاني، وحقق سائق فريق مرسيدس لويس هاميلتون نتيجة قوية بإنهائه السباق بالمركز الثالث والصعود إلى منصة التتويج.
الاستراتيجيات لعبت دورًا أساسيًا في هذا السباق، الذي لربما لم يشهد تجاوزاتٍ مثيرة على صدارة السباق بقدر تشويق الاستراتيجيات وكيفية الهجوم والدفاع بين مختلف المراكز، حيث استهل فيرشتابن سباقه بأفضل طريقة ممكنة، محتفظًا بصدارته أمام سائق فريق ألبين فرناندو ألونسو الذي لطالما اشتهر بانطلاقاته الجريئة، ولكن فيرشتابن تمكن من الرد واستباق الأحداث والابتعاد في الصدارة في اللفات الأولى.
بالنسبة لـ ساينز، المنطلق من المركز الثالث، لم يحتج سوى لبضعة لفاتٍ قبل التقدم إلى المركز الثاني وتجاوز مواطنه الإسباني في اللفة الثالثة، ولكن فيرشتابن كان قد وسع الفارق إلى أكثر من 3 ثواني بحلول ذلك الحين، ولم يكن بإمكان ساينز تشكيل تهديد حقيقي في معركة الفوز بالسباق.
في هذا السباق، كانت الكلمة الأولى للأعلام الصفراء والحوادث التي لعبت الدور الحاسم في تحديد استراتيجيات مختلف السائقين، حيث أدى انسحاب زميل فيرشتابن في فريق ريد بُل، المكسيكي سيرجيو بيريز، في اللفة العاشرة إلى تطبيق نظام سيارة الأمان الافتراضية، ليتجه فيرشتابن إلى منطقة الصيانة على الفور، وليتبعه غريمه من العام الماضي في مرسيدس لويس هاميلتون، وبالتالي ليتقدم ساينز وألونسو إلى المركزين الأول والثاني.
إلا أن أفضلية الإطارات، بالترافق مع عدم خسارة وقت كبير أثناء التوقف بسبب سيارة الأمان الافتراضية، ساهمت بتقليص فيرشتابن للفارق، ليتجاوز ألونسو ويبدأ بعدها بمطاردة ساينز، الذي استغل بدوره تطبيق نظام سيارة الأمان الافتراضية إثر انسحاب سيارة هاس الخاصة بـ ميك شوماخر، بعد 10 لفاتٍ من توقف فيرشتابن، لإجراء توقفه ولمواصلة سباقه خلف الهولندي.
بقي الحال على ما هو عليه حتى اللفة 43، عندما أجرى فيرشتابن توقف الصيانة الثاني، والأخير له، ليواصل سباقه خلف ساينز وليبدأ بتقليص الفارق لفةً تلو الأخرى سعيًا للعودة وتجاوز الإسباني وتصدر السباق، وكانت هناك هفوة بسيطة من فريق ريد بُل الذي استدعى فيرشتابن في وقتٍ أدى إلى خروجه من منطقة الصيانة خلف هاميلتون، ولكنه لم يضع أي وقتٍ وتجاوزه على الفور.
إلا أن دخول سيارة الأمان بعد 6 لفاتٍ، إثر تعرض سائق فريق ألفا تاوري يوكي تسونودا لحادثٍ، دفع ساينز إلى انتهاز الفرصة، وإجراء توقف الصيانة الأخير له، حيث عاد إلى الحلبة بالمركز الثاني خلف سيارة الأمان، ولكن مع إطاراتٍ أفضل من فيرشتابن، ومع انعدام الفارق بين ثنائي الصدارة.
بعد ذلك، ومع مواصلة السباق مع تبقي 16 لفة على النهاية، بدأ هجوم ساينز المتواصل سعيًا لخطف المركز الأول وتحقيق فوزه الأول في الفورمولا 1، ولكن فيرشتابن حافظ على تركيزه، واستغل تفوق سيارته الملحوظ في المقطع الأول، والوتيرة الجيدة في المقطع الثاني، للدفاع ضد هجمات ساينز في المقطع الثالث المميز بخطوطه المستقيمة الطويلة.
ورغم اقتراب ساينز كثيرًا في اللفة قبل الأخيرة، إلا أنه فقد السيطرة على سيارته قليلًا مع الخروج من المنعطف الدائري، ليوسع فيرشتابن الفارق وليحسم تلك المعركة لمصلحته، معززًا صدارته في ترتيب بطولة العالم للسائقين أمام منافسه المباشر في فيراري شارل لوكلير الذي اجتاز خط النهاية بالمركز الخامس في سباقٍ شهد انطلاقه من المركز 19 بسبب عقوبة استخدام وحدة طاقة جديدة، حيث كاد سباق لوكلير أن يأخذ منحى سيئ عندما تأخر فريق فيراري في توقف الصيانة الأول، ومن ثم أكمل توقفًا بطيئًا لتبديل إطاراته وواصل سباقه في ‘قطارٍ’ من السيارات قبل أن يتمكن من تجاوز ذلك القطار وتحقيق تقدم ملحوظ في اللفات الأخيرة من السباق.
تألق فريق مرسيدس في حلبة جيل فيلنوف، بعد صعوبات الجولات الماضية، حيث أظهر لويس هاميلتون مستوى أداء قوي، في طريقه للحصول على المركز الثالث متبعًا استراتيجية مشابهة لتلك التي اعتمدها فيرشتابن، وليصعد إلى منصة التتويج، فيما واصل جورج راسل سجلّه المبهر لهذا الموسم مع إنهاء سباق آخر ضمن المراكز الخمسة الأولى، إذ اجتاز خط النهاية رابعًا.
ورغم الأداء القوي والواعد لفريق ألبين، وفرناندو ألونسو على وجه الخصوص في الحصة التأهيلية، إلا أن الفريق الفرنسي اتبع استراتيجيةً غريبةً مع سائقه الإسباني، مع تأخير توقف الصيانة الأول بشكلٍ كبير، وليتراجع بطل العالم الثنائي في الترتيب واجتاز خط النهاية بالمركز السابع خلف زميله إستيبان أوكون، في ظل مواجهة ألونسو لبعض المشاكل في المحرك.
أظهر ثنائي فريق ألفا روميو مستوى أداء جيد، حيث أنهى فالتيري بوتاس السباق ثامناً أمام غوانيو جو، فيما خطف لانس سترول نقطةً يتيمةً أمام جماهيره الكندية بالمركز العاشر لمصلحة أستون مارتن.