شهدت حلبة ريد بُل رينغ، التي استضافت جائزة النمسا الكبرى، الجولة 11 لموسم 2022 من بطولة العالم للفورمولا 1، سباقًا مذهلًا، دراميًا، انتهى بعودة سائق فريق فيراري شارل لوكلير إلى سكة الانتصارات من خلال فوزه بسباقه الثالث في الموسم الحالي، متفوقًا على منافسه في ريد بُل ماكس فيرشتابن.
انطلاقة السباق شهدت عدم وجود تغييرات في المراكز الثلاثة الأولى، مع تواجد فيرشتابن أمام ثنائي فيراري، شارل لوكلير وكارلوس ساينز، بينما تقدم سائق فريق مرسيدس جورج راسل إلى المركز الرابع أمام زميل فيرشتابن في الفريق، سيرجيو بيريز.
كان من الواضح، منذ الأمتار الأولى، أن بيريز لديه أفضلية الأداء، ولكن المكسيكي تسرّع أثناء محاولة تجاوز راسل عند المنعطف الرابع، ما أدى إلى وجود احتكاك بين الثنائي ترافق مع تضرر سيارة راسل، وتراجع بيريز في الترتيب ولينسحب من السباق في المراحل اللاحقة، فيما حصل راسل على عقوبة إضافة 5 ثواني بسبب دوره في الحادث.
بالعودةِ إلى معركة الصدارة، تحكم فيرشتابن بمجريات السباق في اللفات الأولى، ولكن سرعان ما كان بإمكان لوكلير تقليص الفارق إليه والاستفادة من تشغيل نظام ‘دي أر أس’ ليتجاوز فيرشتابن ويخطف المركز الأول ويبدأ بتوسيع الفارق على الفور.
أفضلية سرعة فيراري دفعت فريق ريد بُل إلى الالتزام باستراتيجية التوقف مرتين على الفور، مع استدعاء فيرشتابن لإجراء توقف مبكر، حيث كان الهدف هو إتاحة المجال أمام فيرشتابن لعدم المحافظة على إطاراته، وإنما الضغط لفةً تلو الأخرى.
كانت سرعة فيرشتابن جيدة بعد توقف الصيانة الأول، مع استخدامه للإطارات القاسية، ورغم أن لوكلير عاد إلى السباق، بعد توقف الصيانة الخاص به، خلف فيرشتابن، إلا أنه كان أسرع منه بكثير، وتمكن من تقليص الفارق وتجاوزه للمرة الثانية ليضمن عودته إلى الصدارة.
بعد ذلك، ومع اقتراب ساينز من فيرشتابن، اختار الهولندي العودة إلى منطقة الصيانة لإجراء توقف الصيانة الثاني، الذي كان يُفترض أن يكون الأخير، وعاد إلى الحلبة متأخرًا بحوالي 26 ث خلف لوكلير، ولكن مع إطاراتٍ أفضل سمحت له بتقليص الفارق بشكلٍ كبير.
انتظر فريق فيراري لحين وصول الفارق إلى 17 ث قبل الانتقال إلى استراتيجية التوقف مرتين واستدعاء لوكلير، الذي عاد إلى الحلبة خلف فيرشتابن بحوالي 3 ثواني، وليتبعه ساينز بعد ذلك.
مرةً أخرى أظهرت سيارة فيراري ‘F1-75’ أريحيةً في التعامل مع الإطارات وتفوقًا في الأداء، مع تقليص لوكلير للفارق إلى فيرشتابن، وليتمكن من تجاوزه، للمرة الثالثة، خروجًا من المنعطف الثالث، في ظل استياء فيرشتابن من افتقاره للتماسك أثناء الخروج من المنعطفات.
لكن مهمة فيراري لم تقف عند هذا الحد، إذ تمتع ساينز بأفضليةٍ على فيرشتابن وبدأ بتقليص الفارق لفةً تلو الأخرى، ولكن بعد بضعة لفاتٍ فقط، وعندما كان قريبًا من تتجاوز فيرشتابن، تعطل محرك سيارته، لتتوقف السيارة عن العمل عند المنعطف الرابع في ظل اندلاع النيران فيها، وخروج ساينز منها بسرعة بسبب ازدياد حدة النيران.
هذا الأمر أدى إلى تطبيق سيارة الأمان الافتراضية، وعودة لوكلير وفيرشتابن لإجراء توقفات صيانة لم يكن مخططًا لها لاستخدام مجموعات جديدة من الإطارات متوسطة القساوة حتى نهاية السباق، وليكون الفارق بين الثنائي 3 ثواني.
بعد مشاكل الموثوقية التي واجهها ساينز، عانى لوكلير قليلًا من مشكلةٍ في دواسة الوقود، التي لم تكن تعود إلى مكانها عندما يتوقف لوكلير عن الضغط عنها، ما سمح لـ فيرشتابن بالاقتراب منه وتقليص الفارق لفةً تلو الأخرى.
رغم تلك المشاكل، تمكن لوكلير من التأقلم، وتحكم بالفارق لحين اجتياز خط النهاية بالمركز الأول، وليحقق فوزه الثالث في الموسم الحالي، فوزٌ طال انتظاره منذ جولة أستراليا، وبعد تعرضه لانسحاباتٍ ومشاكل في الموثوقية وأخطاء استراتيجية في عدة سباقاتٍ في الجولات الماضية، ليحد لوكلير من الأضرار في ريد بُل رينغ ويقلص فارق النقاط إلى بطل العالم فيرشتابن.
مرةً أخرى أظهر فريق مرسيدس سرعةً جيدةً في السباق. بالنسبة لـ لويس هاميلتون، فإن بطل العالم 7 مراتٍ انطلق من المركز العاشر، واتبع استراتيجية مماثلة لاستراتيجية ثنائي فيراري (على صعيد مواعيد التوجه إلى منطقة الصيانة) وتمكن من شق طريقه وإكمال سلسلة من التجاوزات ليجتاز خط النهاية بالمركز الثالث، ويصعد إلى منصة التتويج، أمام زميله راسل الذي حقق المركز الرابع رغم تضرر سيارته، وبعدما أكمل تجاوزًا على سائق فريق ألبين إستيبان أوكون، الذي اجتاز خط النهاية خامسًا.
كان ميك شوماخر أحد نجوم هذا السباق مع فريق هاس، حيث أكمل سباقًا نظيفًا، مع انعكاس نضجه وثقته بالسيارة جولةً تلو الأخرى خصوصًا بعد تسجيله لنقاطه الأولى في سيلفرستون الأسبوع الماضي، حيث اجتاز شوماخر خط النهاية بالمركز السادس، فيما جاء زميله كيفن ماغنوسن بالمركز الثامن، وفصل بين ثنائي ماكلارين لاندو نوريس ودانيال ريكاردو بالمركزين السابع والتاسع.
ورغم انطلاقه من المركز الأخير، إلا أن فرناندو ألونسو اجتاز خط النهاية بالمركز العاشر، ليسجل نقطةً إضافية لفريق ألبين.