انتهى الأسبوع الأول من التجارب الشتوية لموسم 2020 من بطولة العالم للفورمولا 1. رغم أن الوقت يبقى مبكراً لإطلاق الأحكام، إلا أن هناك بعض المؤشرات عن الوضع الحالي لكل فريقٍ مع الاستعداد للموسم الجديد…
واجهت فرق الفورمولا 1 في موسم 2020 تحدياً مع تغيير القوانين بحيث انخفض عدد أيام التجارب الشتوية من ثمانية إلى ستة أيامٍ فقط. قد يبدو ذلك التغيير بسيطاً، ولكن هناك سلسلة من البرامج التي لا بد لكل فريقٍ من القيام بها وإكمالها استعداداً للموسم الجديد.
اقرأ أيضاً: بوتاس: سيارة مرسيدس قوية لكن هناك بعض نقاط الضعف
الأسبوع الأول من التجارب الشتوية شهد تألق فريق مرسيدس. حسناً، قد لا يبدو ذلك مفاجئاً. هؤلاء هم أبطال العالم الحاليين، وهم من فاز بلقب بطولة السائقين والصانعين لستة أعوامٍ متتالية مع استمرار تمتعهم بسيطرة مطلقة منذ بدء الحقبة الهجينة في الفورمولا 1 في 2014.
لكن في تجارب موسم 2020، كان هناك تألق من نوع آخر بالنسبة لـ مرسيدس. منذ بدء سيطرة الأسهم الفضية، كان من النادر أن نرى تمتع مرسيدس بأفضليةٍ كبيرة في بداية التجارب الشتوية. لطالما ركز الفريق في إكمال برنامجه بشكلٍ خاص، وإكمال أكبر عدد ممكن من اللفات مع سيارته الجديدة، ومن ثم كنا نرى لمحاتٍ عن سرعة السيارة في آخر أيامٍ من التجارب.
استمر نهج مرسيدس الذي يقضي بإكمال أكبر عدد ممكن من اللفات، إذ كان الفريق على بعد ست لفاتٍ فقط من إكمال 500 لفة في ثلاثة أيامٍ من التجارب!
المزيد من أخبار الفورمولا 1!
فريق مرسيدس يثق بقانونية نظام التوجيه ثنائي المحور
حظر استخدام نظام التوجيه ثنائي المحور بدءاً من 2021
أكمل لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس 494 لفة في ثلاثة أيامٍ، وفي اليوم الثاني من التجارب كان الفريق قريباً من إكمال 200 لفة في يومٍ وحيد، وبالتالي من المؤكد أن فريق مرسيدس وجد أسلوباً لتعويض انخفاض عدد أيام التجارب الشتوية من خلال ضغط وتكثيف برنامجه من التجارب.
تخلل ذلك مشكلة وحيدة طفيفة في الموثوقية، أيضاً في اليوم الثاني، ولكن في ما عدا ذلك كانت تجارب مرسيدس مثاليةً.
لكن إضافةً إلى ذلك، رأينا تسجيل فريق مرسيدس لتواقيتٍ مذهلة في اليوم الأخير من التجارب. في الواقع، تلك التواقيت كانت أسرع من كل ما سُجِّل في تجارب برشلونة الشتوية العام الماضي، حيث سجل فالتيري بوتاس 1:15.732 د، أبطأ بـ 0.3 ث من التوقيت القياسي في هذه الحلبة.
يأتي ذلك بالترافق مع الابتكارات التي كشف عنها فريق مرسيدس مع سيارة ‘دبليو 11’. وفي حين أن نظام التوجيه ثنائي المحور كان حديث الجميع في حلبة برشلونة الإسبانية، لا بد لنا من الإشادة بالتصميم المذهل لنظام التعليق الخلفي والذي يعتبر بأهمية، أو حتى أكثر أهميةً، من نظام التوجيه المبتكر لـ مرسيدس.
تحليل: فريق مرسيدس يبدع مع نظام التعليق الخلفي
من جهةٍ أخرى، يبدو أن المنافس الأبرز لفريق مرسيدس يتمثل بفريق ريد بُل في موسم 2020. تأدية سيارة ‘أر بي 16’ كانت مذهلةً بالفعل.
حسناً، لم نشهد تسجيل ماكس فيرشتابن وأليكساندر ألبون لتواقيتٍ تنافسية، ولكن لا بد من الإشادة بالموثوقية المذهلة للسيارة، مع تركيز الفريق في برنامجه وسعيه إلى جمع أكبر عدد ممكن من المعطيات والبيانات عن السيارة الجديدة.
كما أن سيارة ريد بُل ‘أر بي 16’ أظهرت استقراراً في الحلبة في مختلف المنعطفات، في الواقع كانت السيارة مستقرة أكثر من سيارة مرسيدس في بعض الأحيان، وهذه أسبابٌ تدفع الجميع في معسكر ريد بُل هوندا للتفاؤل.
اقرأ أيضاً: فريق مرسيدس يتوقع منافسة شرسة من فيرشتابن
الأعوام القليلة الماضية شهدت عدم تمتع فريق ريد بُل بمستوى أداء قوي على الفور منذ بداية الموسم. عاماً تلو الآخر، كان الفريق يلوم بعض التغييرات في القوانين التي كانت تؤدي إلى تأخره في العمل على سيارة السنة التالية.
لكن لدى فريق ريد بُل قدرة مذهلة على التمتع بوتيرة تطويرية عالية لتقليص الفارق والتمتع بمستوى أداء قوي مع نهاية الموسم، وهذا ما رأيناه مع نهاية 2019 عندما كان بإمكان ريد بُل منافسة مرسيدس بشكلٍ جيد.
اقرأ أيضاً: فيرشتابن يشيد ببداية ريد بُل القوية لموسم 2020
كما أن موثوقية وحدة طاقة هوندا تعتبر قويةً في الموسم الحالي. هذا ما رأيناه على الأقل في الأيام الثلاثة الأولى من التجارب الشتوية، مع إكمال فريق ريد بُل لـ 471 لفة بدون أية مشاكل.
وحدة طاقة هوندا مع سيارة ريد بُل أكملت 23 لفة فقط أقل من فريق مرسيدس خلال الأيام الثلاثة الأولى من التجارب. مجرد تخيّل ذلك كان شبه مستحيلٍ قبل بضعة أعوامٍ!
ربما هذا الموسم سيكون جيداً بالنسبة لـ ريد بُل، إذ أنه سيبدأ الموسم بشكلٍ أفضل مما كان الحال عليه في الأعوام الماضية، ومن ثم ستساهم الوتيرة التطويرية المرتفعة التي يشتهر بها الفريق على الاقتراب من مرسيدس أو حتى التفوق عليهم، وربما يحصل ذلك قبل تمتع الصانع الألماني بأفضليةٍ كبيرة في النقاط لضمان وجود منافسة محتدمة على اللقب حتى الجولة الأخيرة.
لكن في الوقت ذاته، تبقى نقطة ضعف فريق ريد بُل هي بطولة العالم للصانعين. ففي حين أنه لا توجد شكوك حول إمكانية استخلاص ماكس فيرشتابن لأقصى قدرات السيارة وضمان المنافسة في الصدارة، لا يبدو، حتى الآن، أن بإمكاننا قول الأمر ذاته عن زميله في الفريق أليكساندر البون.
خلف مرسيدس وريد بُل، لا بد لنا من الحديث عن فيراري.
في الواقع، الحديث عن فيراري كثالث أفضل فريقٍ في الوقت الحالي يأتي نظراً لأنه من الطبيعي اعتبار ‘الثلاثة الكبار’ في الصدارة وتمتعهم بفارق كبير على بقية المنافسين. لكن، في حال أردنا التعامل مع معطيات التجارب الشتوية بشكلٍ منفصل عن تسمية كل فريق والوضع الذي تمتع به في الأعوام القليلة الماضية، لاعتقد البعض أن ما حققه فريق فيراري لم يكن ثالث أفضل إنجاز في تجارب 2020.
ما يحصل ضمن صفوف فريق فيراري يعتبر غريباً، خصوصاً في ظل استقرار القوانين التقنية، وفي ظل الموارد المذهلة التي يتمتع بها هذا الفريق.
اقرأ أيضاً: فريق فيراري يؤكد أنه ليس بسرعة منافسيه
رغم ذلك، لم تكن هناك ‘جرأة’ لدى فيراري لمعالجة نقاط ضعف العام الماضي بشكلٍ جذري، وإنما كانت هناك مجرد تعديلات بسيطة في مفاهيم تصميم السيارة سعياً لمنح السيارة مجالاً أكبر للتمتع بمعايير ضبط قوية.
هناك ثقة ضمن صفوف فريق فيراري أن سيارة العام الماضي كانت الأفضل والأسرع على شبكة الانطلاق، ولكن لم يكن مجال عملها واسعاً بما فيه الكفاية. بالتالي، هذا ما عمل الفريق على إصلاحه في 2020 فقط، دون التفكير بأن المنافسين سيتوصلون إلى ابتكاراتٍ وحلولٍ لتحسين مستوى تأديتهم بشكلٍ إضافي.
اقرأ أيضاً: فريق فيراري بحاجة لنصف موسم لنسخ نظام DAS
حسناً، أمضى فريق فيراري ثلاثة أيامٍ من التجارب وهو يؤكد، مرةً تلو الأخرى، أنه لا يركز في أداء سيارة ‘أس أف 1000’، وأنه يريد جمع معطياتٍ عن السيارة الجديدة لمعرفة أسلوب إيجاد معايير الضبط المثالية ومستويات التوازن الصحيحة.
كما أن السرعات القصوى التي سجلها سيباستيان فيتيل وشارل لوكلير كانت من الأدنى طوال التجارب، باستثناء اليوم الثالث عندما سجل سيباستيان فيتيل 329 كلم/ الساعة قبل دقائق من تعطل محرك سيارته…
اقرأ أيضاً: فيتيل: نظام التوجيه ثنائي المحور ليس مفتاح الفوز
هذا يشير إلى أن فريق فيراري استخدم قوة منخفضة من المحرك طوال التجارب، ما يؤكد الغاية لعدم التركيز في الأداء ولضمان جمع بيانات عن السيارة الجديدة فقط.
لكن في حال كان هذا الهدف الأساسي لـ فيراري، لا يمكننا القول أنهم حققوه بأفضل طريقة ممكنة. جمع البيانات يتطلب دوران السيارة في الحلبة لأطول فترة ممكنة، وإكمال أكبر عدد ممكن من اللفات. لكن بالنظر إلى اللفات التي سجلها الفريق، فإن شارل لوكلير وسيباستيان فيتيل أكملا 354 لفة فقط خلال ثلاثة أيامٍ من التجارب.
اقرأ أيضاً: لوكلير: لم نركز في الأداء مع بداية التجارب الشتوية
فقط 354 لفة لـ فيراري. وللمقارنة، فإن فريق فيراري تفوق في عدد اللفات على ويليامز (324 لفة) وهاس (316 لفة). بالتالي، قد تكون هناك أسباب للقلق ضمن صفوف الحصان الجامح، نظراً لأن الفريق كان ما زال في مرحلة ‘جمع المعطيات’ عن سيارته في الوقت الذي بدأ فيه المنافسون ببرامج محاكاة السباق.
طوال الفترة الشتوية، كانت هناك شائعات بأن القلعة الحمراء تسعى إلى استخدام سيارة بمواصفات مبدئية في الأسبوع الأول من التجارب، قبل الكشف عن السيارة الحقيقية في الأسبوع الثاني.
ربما يحصل ذلك، لكن من المؤكد أن الأسبوع الأول من التجارب لم يكن إيجابياً إطلاقاً بالنسبة لفريق فيراري الذي اكتفى بتسجيل 1:18.154 د كأفضل توقيتٍ خلال الأيام الثلاثة الأولى، أي أبطأ بحوالي 2.5 ث من أفضل توقيت لـ مرسيدس. وحتى على صعيد أفضل التواقيت في الأسبوع الأول، فإن فريق فيراري تفوق على ويليامز وهاس فقط.
عاماً تلو الآخر، يسعى المنافسون إلى تهديد سيطرة مرسيدس أو حتى إنهائها. الوقت يبقى مبكراً، ولكن من المؤكد أن الأسهم الفضية رفعت سقف التحدي ولن تكون المهمة سهلة على الإطلاق.