قبل انطلاق مجريات تجارب الجمعة لجائزة الذكرى الـ 70 الكبرى لبطولة العالم للفورمولا 1، صدر قرار لجنة التحكيم بخصوص اعتراض فريق رينو على رايسنغ بوينت. القرار، بعكس التوقعات، لم يكن واضحاً بشكلٍ كبير، وهناك العديد من الأسباب التي دفعت لجنة التحكيم لاتخاذ هذه القرارات، لنستعرض أسباب حصول ذلك سويةً…
المزيد من أخبار الفورمولا 1!
هاميلتون يعتقد أن تجديد عقده مع مرسيدس مسألة وقت
فيتيل: يمكن لـ مرسيدس الفوز بكافة سباقات موسم 2020
ماركو يجد سرعة لوكلير في بريطانيا غامضةً
في البداية، ما هو سبب اعتراض فريق رينو على سيارة رايسنغ بوينت في موسم 2020؟ منذ التجارب الشتوية في شباط/ فبراير الماضي، ومنذ الكشف عن سيارة رايسنغ بوينت ‘أر بي 20’، تلك السيارة لفتت الأنظار بشكلٍ كبير بسبب التشابهات بينها وبين سيارة مرسيدس من العام الماضي، ما دفع العديد لوصفها بسيارة مرسيدس زهرية اللون.
ترافق ذلك مع إظهار فريق رايسنغ بوينت لمستوى أداء قوي جداً ووتيرةٍ عالية في الأداء. لكن الفريق أكد باستمرار أن سيارته قانونية وأنه اعتمد، في تصميم تلك السيارة، على صورٍ عالية الدقة لسيارة مرسيدس من العام الماضي فقط، وأن ذلك كان ‘بديهياً’ نظراً لأن الفريق يستخدم وحدة طاقة وعلبة تروس مرسيدس.
لهذا السبب قدم فريق رينو اعتراضاتٍ في ثلاثة سباقاتٍ (ستيريا، المجر، بريطانيا)، ولكن الأمر لم يتعلق بتصميم السيارة بأكملها، وإنما ركز فريق رينو في تصميم فتحات تهوية المكابح الأمامية والخلفية لسيارة رايسنغ بوينت ‘أر بي 20’، والتي يعتقد فريق رينو أنه كان من المستحيل تصميمها بدون وجود معطيات وبيانات.
قرار لجنة التحكيم أشار إلى أن فريق رايسنغ بوينت استفاد بالفعل من تصاميم ورسومات حاسوبية (CAD) لفتحات تهوية مكابح سيارة مرسيدس من العام الماضي. لكن، وفي حين أن الجميع توقع أن يكون القرار إما بقانونية السيارة، وعدم اتخاذ أية إجراءات، أو عدم قانونيتها، وشطب نتائج الفريق بالكامل، إلا أن العقوبة بحق فريق رايسنغ بوينت كانت أكثر تعقيداً.
قرار لجنة التحكيم أقضى بخصم 15 نقطة من فريق رايسنغ بوينت في جولة ستيريا (7.5 نقطة لكل سيارة)، إضافةً إلى دفع غرامة 400 ألف يورو (200 ألف يورو عن كل سيارة) لنتيجة جولة ستيريا أيضاً، فيما تم توجيه تأنيب رسمي بخصوص جولتَي المجر وبريطانيا دون اتخاذ أية إجراءات إضافية.
لمَ تم اتخاذ هذا القرار، وبهذا الأسلوب؟
سبب تأكيد مخالفة فريق رايسنغ بوينت للقوانين
كيف تمكنت لجنة التحكيم من إثبات مخالفة فريق رايسنغ بوينت للقوانين؟
العام الماضي، كانت القوانين تسمح بمشاركة الفرق لبيانات تصميم المكابح وفتحات تهوية المكابح، كما كان بإمكان الفرق شراء المكابح من فريقٍ آخر واستخدامها على متن سياراتها، كما قام فريق هاس مع فيراري منذ عدة أعوامٍ. إلا أن تلك القوانين تغيرت لموسم 2020، حيث أصبح على كل فريقٍ تصميم وتصنيع المكابح وفتحات تهوية الخاصة بها بشكلٍ مستقل.
في 2019، هذا ما قام به فريق رايسنغ بوينت. إذ أنه حصل على رسومات حاسوبية (CAD) لتصميم فتحات تهوية المكابح الأمامية والخلفية لسيارة مرسيدس من ذلك الموسم، كما أنه استخدم فتحات تهوية المكابح الأمامية الخاصة بـ مرسيدس. في ذلك الموسم، لم يكن ذلك مخالفاً للقوانين على الإطلاق.
لكن الفريق قرر، وبعد مراجعة بيانات ورسومات تصميم فتحة تهوية المكابح الخلفية، عدم استخدام هذا التصميم العام الماضي، وإنما قام بتصميم فتحات تهوية مكابح خلفية خاصة به ليعتمدها على متن سيارته. إلا أنه حصل على البيانات الخاصة بتصميم تلك الفتحات.
حجّة فريق رايسنغ بوينت كانت أنه لم يستخدم الرسومات الحاسوبية لـ مرسيدس مع العمل على سيارة موسم 2020، واقتنعت لجنة التحكيم بالفعل أن الفريق، ومع استخدامه بشكلٍ قانوني لفتحات تهوية المكابح الأمامية لـ مرسيدس العام الماضي، كان بإمكانه استخدام تصميم مشابه جداً، أو مطابق، في موسم 2020.
ولكن النقطة المفصلية تمثّلت بتصميم فتحات تهوية المكابح الخلفية لفريق رايسنغ بوينت في موسم 2020. إذ أن ذلك التصميم شهد وجود العديد من التشابهات مع سيارة مرسيدس، ونظراً لأن الفريق كانت لديه الرسومات الحاسوبية العام الماضي لكنه لم يستخدمها، فإن لجنة التحكيم وجدت بأن الفريق قام، إذاً، باستخدامها للعمل على سيارة موسم 2020، وهو ما يعتبر مخالفاً للقوانين الجديدة التي تستدعي تصميم كل فريقٍ لمكابحه بشكلٍ مستقل.
من هنا جاء قرار لجنة التحكيم بأن سيارة رايسنغ بوينت خالفت، مع تصميم فتحات تهوية المكابح الخلفية، القوانين، وكان لا بد من العقوبة. إلا أن التعقيد لم يقف عند ذلك الحين…
سبب عدم شطب نتيجة الفريق بالكامل
في بطولة العالم للفورمولا 1، هناك قوانين تقنية، وهناك قوانين رياضية. في حال قامت إحدى الفرق بخرق القوانين التقنية، يمكن أن تصل العقوبة إلى حد شطب وإقصاء الفريق من نتيجة سباقٍ ما بالكامل.
ولكن، في القوانين الرياضية، لا توجد عقوبات من شأنها أن تؤدي إلى شطب وإقصاء الفريق من أي حدثٍ.
فريق رايسنغ بوينت لم يخالف القوانين التقنية، إن اعتمدنا كلمة ‘مخالفة’ بشكلٍ حرفي. إذ أن تصميم سيارة رايسنغ بوينت ‘أر بي 20’ لم يكن مخالفاً للقوانين التقنية، وكان وفقاً للمعايير التي يجب تصميم سيارات الفورمولا 1 من خلالها، وبالتالي تقنياً، السيارة لم تكن مخالفة للقوانين.
المخالفة كانت رياضيةً، وكانت مع أسلوب توصّل الفريق لتصميم سيارته، أو لتصميم فتحات تهوية المكابح الخلفية لسيارته على وجه الخصوص كما ذُكر في وقتٍ سابقٍ، ونظراً لأن المخالفة جاءت في القوانين الرياضية، عمدت لجنة التحكيم إلى اتخاذ هذا القرار.
أما عن سبب توجيه تأنيب فقط لجولتَي المجر وبريطانيا، فإن لجنة التحكيم ارتأت بأن المخالفة استمرت أثناء الفترة الشتوية وصولاً إلى السباق الأول من الموسم. بعد ذلك، لم يستمر الفريق بارتكاب مخالفات، وإنما استمر باستخدام المواصفات ذاتها للمكابح، ولهذا السبب ارتأت بأن ‘العقوبة المنطقية’ للجولات التالية تمثلت بتوجيه تأنيب دون أية إجراءات إضافية.
ما الذي سيحصل الآن؟
رغم وجود هذا القرار من لجنة التحكيم، من شبه المؤكد أن قضية قانونية سيارة رايسنغ بوينت لم تصل إلى نهايتها. من المتوقع وجود استئناف لهذا الحكم، من المتوقع وجود اعتراضات أخرى على السيارة في السباقات المقبلة. إذ أن لجنة التحكيم أكدت أنه سيتم السماح لـ رايسنغ بوينت بعدم تعديل أية جوانب في تصميم سيارة الموسم الحالي، علماً أن الاتحاد الدولي سيعدل القوانين لتفادي الوقوع في المأزق ذاته السنة المقبلة.
كما أن العديد من فرق الفورمولا 1 أعربت استيائها من قرار لجنة التحكيم، والأمر لم يعد يقتصر على رينو فقط. وفي حال توجيه اعتراضات لـ رايسنغ بوينت في السباقات المقبلة، كما حصل في السابق، ما الذي سيحصل؟ منطقياً، سيتم توجيه المزيد من التأنيبات الرسمية. لكن، هل من عواقب أخرى في حال حصل الفريق على عددٍ محدد من التأنيبات؟
من المؤكد أن هذه القضية معقدة جداً، ومن المؤكد أنه سيكون لها العديد من التأثيرات على طبيعة تبادل البيانات ونهج تصميم السيارات في الفورمولا 1. لكن، في الوقت ذاته، فإنها تلقي الضوء على الدقة في الانتباه للتفاصيل، أدق التفاصيل، في الفئة الملكة من عالم رياضة المحركات.